الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة

رسوم جمركية ظالمة

16 نوفمبر 2008 02:14
لماذا تفرض الحكومة رسوماً جمركية على المواطن الذي يستورد بضاعة من الخارج للاستخدام الشخصي، مثل السيارة أو الأثاث أو الأجهزة والأدوات الكهربائية المنزلية؟·· لو أننا كنا من الدول الصناعية المتقدمة التي تصنع من الإبرة وحتى الدبابة، لوجدنا تبريراً لفرض رسوم على المواطن الراغب في شراء احتياجاته من الخارج، وقلنا إن الرسوم تهدف الى حماية الصناعة الوطنية، ولكن أن تفرض سلطات الموانئ في الدولة رسوماً على مواطنين مساكين يجرون خلف توفير مبلغ هنا و''كم درهم'' هناك، فإننا نفهم أن فرض الرسوم، مهما كانت منخفضة، على استيراد المواطنين لبضائع من أجل الاستعمال الشخصي، ليس له أي معنى سوى أن الجمارك في الدولة تراعي مصالح التجار، حتى لو كانت هذه المراعاة على حساب المواطن البسيط الباحث عن التوفير· عندما يكون الفرق في سعر السيارة أو التلفزيون ذي نظام ''المسرح المنزلي''، أو أية أجهزة كهربائية وإلكترونية عالية الأداء، كبيراً جداً وبصورة مبالغ فيها بين السوق هنا في الإمارات والأسواق في بلدان المنشأ، يصبح من حق المواطن أن يبحث عن البديل في الخارج، وأن يستورد لبيته ولعائلته كل ما يحتاجه من أجهزة وآلات وأدوات وسيارات خاصة· ولا نجد أي مبرر لأي تاجر يزعم أن إلغاء الرسوم الجمركية عن المواطنين لاستيراد حاجاتهم الشخصية غالية الثمن، سوف يؤثر على أرباح ومداخيل التجار، فهذا كلام غير منطقي ومردود عليه لعدة أسباب·· وأول هذه الأسباب أن أعداد المواطنين المؤثرين على القوة الشرائية لا تقارن بأعداد المقيمين ولا بالقوة الشرائية التي تشكلها مؤسسات وشركات القطاع الخاص·· وثانياً أن نسبة القادرين من المواطنين على السفر إلى الخارج للتسوق والشراء قليلة قياساً إلى نسبة الذين يشترون من السوق المحلي·· أضف إلى ذلك أن المواطن لا يتعب نفسه فيذهب إلى آخر الدنيا لشراء حاجاته الضرورية لكي يأتي إلى هنا للمتاجرة بها، بل يشتريها لتحقيق هدفين هما: التوفير والتمتع بما يشتريه·· فالأسعار عندنا نيران تلتهم الأخضر واليابس، والتجار والوكلاء لا يحملون قدراً من الإحساس بمشاعر الآخرين، وهم لا يرضون بمكسب معقول يحفظ لهم حقهم ويكون في مقدور تحمل القدرة الشرائية للمواطن، بل يستغلون الجميع أبشع استغلال·· وأبسط مثال على ذلك الفرق الرهيب في أسعار السيارات عندنا وفي الخارج· إن من الظلم أن تستجيب إدارات الجمارك والموانئ لرغبات التجار وتغمض أعينها عن حق المواطن في التمتع بشيء يسير من قوانين الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق الذي يفتح أبواب حرية الاستيراد إذا كان لغرض الاستخدام الشخصي وليس للمتاجرة·· وإلا فإن مبادئ الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق تصبح سيفاً يُصْلِتُه التجار فوق رقاب المستهلكين، ويصبح التاجر كالمنشار، يأكل في الطالع والنازل، فلا يرحم ولا يترك رحمة رب العالمين تنزل على بقية خلق الله·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©