الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
علوم الدار

50 مواطناً من «العلماء الإماراتيين» ينشرون الوسطية والتسامح

50 مواطناً من «العلماء الإماراتيين» ينشرون الوسطية والتسامح
28 يوليو 2019 02:06

إبراهيم سليم (أبوظبي)

شهد مركز الموطأ تخريج الدفعة الأولى في «برنامج العلماء الإماراتيين»، والبالغ عددهم 50 طالباً وطالبة، في الوقت الذي فتح فيه باب التسجيل لقبول 30 طالباً بدءاً من العام الدراسي المقبل، وفق الشروط.
وأكد خليفة الظاهري المدير التنفيذي للمركز، أن من شأن هذه الدفعة تحقيق رؤية القيادة الرشيدة في تعزيز جهود الإمارات في نشر الثقافة الإسلامية والإنسانية المعززة لقيم السلم والتسامح والعيش المشترك بالوسائل المختلفة، ودعم جهود الإمارات ودورها في نشر قيم التسامح والسلم على الصعيد المحلي والعالمي، وصناعة علماء إماراتيين شباب يجمعون بين التكوين العلمي الشرعي الوسطي الأصيل، وبين الوعي بالواقع والقدرة على التفاعل الراشد معه، والتأثير الإيجابي فيه.
وأشار إلى أن البرنامج يسعى إلى تخريج نخبة من الكفاءات العلمية الشابة المؤهلة لنشر قيم الإسلام السمحة وتعاليمه السامية، والإسهام في الأمن الروحي للمجتمع الإماراتي، والتأسي الإيجابي في مختلف المجالات العلمية والاجتماعية وتوسيع الإشعاع الديني والروحي والفكري المتزايد لدولة الإمارات في العالم الإسلامي خاصة وعلى الصعيد الدولي عموماً.

المواطن العالم
ويستهدف برنامج إعداد العلماء الإماراتيين، تخريج مواطن عالم بدينه، مستوعب لواقعه، فاعل، قادر على الإسهام في النهضة والتنمية الشاملة وترسيخ قيم التعايش السعيد، سفير لدينه وأمته ووطنه، ورؤية البرنامج تركز على إعداد عالم إماراتي متشبع بأصوله وثوابته وقيمه، كوني في حركته، إنساني في خطابه، مؤمن بهويته، واعٍ بالعالم من حوله، يجمع بين فهم الواقع وفهم الواجب فيه، وبين أدوات الفعل الإيجابي في تجديد الخطاب الديني.
وقال المدير التنفيذي لـ«مركز الموطأ» إن الخريجين يمثلون الدفعة الأولى من البرنامج الأول من نوعه بالمنطقة والعالم الإسلامي والذي يركز على نقاط مهمة، وملء الفراغ الذي تشهده الساحة العلمية في ما يتعلق بمفاهيم الوسطية والتسامح والتعايش والسلم، وما غفلت عنه بعض المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي.
ويعد البرنامج من أوائل البرامج التي انتبهت إلى نظرية «فقه الواقع»، وقام بتأصيلها وتم التركيز عليها وتوفير مساحة كبيرة لها في إطار البرنامج، حيث أفردت مساقات ومواد متخصصة في هذا العلم القائم بذاته والذي يحل الكثير من القضايا لتأصيل فقه الواقع من خلال تدريس مواد لأول مرة كمواد مستقله في الدراسات الإسلامية كمادة صناعة الفتوى في أصول الفقه، ومادة تحقيق المناط.. والتي تعنى بالاجتهاد التنزيلي وعدم الاكتفاء بقراءة كتب التراث بل مدى تناسب الفتوى مع الواقع المعاصر، والذي يعد أصل الإفتاء حيث يبحث مدى مناسبته للزمان والمكان.

القواعد الضابطة
وأشار إلى أن مشكلة الإفتاء في عالمنا المعاصر هي الاقتصار على الحفظ وتنزيل فتاوى في عصر غير الذي نعيشه، وهي سبب المشكلات التي نعايشها في عالمنا، وتحقيق المناط يضع القواعد الضابطة والمنظمة للفتاوى. ولفت إلى أن فقه الواقع أهم ما يحتاجه المفتي والمجتمع، وتحقيق المناط من خلاله يمكن لنا إعادة الفتوى إلى مكانتها وطبيعتها وأن تحاكي الفتوى زمانها ومكانها.. وفقه الواقع يعد حلاً لكثير من القضايا.
وأوضح الظاهري أن البرنامج، والذي يتكون من ثلاثة أجزاء، ومدة الدراسة فيه ثلاث سنوات، بواقع فصلين لكل عام دراسي، يجمع بين المادة العلمية، والكراسي العلمية والطرق العصرية والطرق التراثية، والأساليب العملية، ويتضمن مكونات عدة منها ماهو نظري وما هو تطبيقي، فالجانب النظري يشمل الفقه ويتضمن 11 مساقاً، ومكون الأصلين، ويتضمن 4 مساقات، «علوم القرآن، علوم السنة، وعلم التفسير، وعلاقة السنة بالمذاهب الفقهية» وأصول الدين، ويتضمن 4 مساقات، منها العقيدة وعلم الكلام.
أما مكون العقليات فيضمن 4 مساقات ويتميز بأنه جمع بين العلوم الإنسانية والإسلامية فإلى جانب الفقه يدرس الفلسفة، وإلى جانب أصول الفقه يدرس علم الكلام والمنطق.. ومكون الإنسانيات يتضمن 5 مساقات، الحضارات الإنسانية وعلم النفس والاجتماع للتمكن من تشخيص الواقع. واللغويات يتضمن 4 مساقات وهي: مساق فقه اللغة، ومساق علم النحو، ومساق علم الصرف، ومساق علم البلاغة. بهدف توسيع الإشعاع الديني والفكري المتزايد لدولة الإمارات العربية المتحدة في العالم الإسلامي خاصة وعلى الصعيد الدولي عموماً.

تكوين علمي
وأشار إلى أنه روعي في برنامج العلماء الإماراتيين، تبني العديد من الوسائل منها تزويد الطلبة بتكوين علمي مكثف ومتين يتأسس على التراث الإسلامي الأصيل ويعتمد منهج الاستنباط السليم ويراعي أولويات الواقع وينفتح على التجارب والخبرات الإنسانية، تقوية مكانة علوم اللغة العربية، تكوين الملكة الفقهية باستحداث مواد جديدة وتقوية المواد الشرعية المؤثرة في التعامل مع الواقع وامتلاك مفاتيح التعامل معها، وفتح آفاق العلوم العقلية كالفلسفة وعلم المنطق والعلوم الإنسانية أمام الطالب لبناء الملكة النقدية عنده، والمزاوجة بين الطرق الحديثة والطرق التراثية الأصيلة في التلقي، وإخضاع الطالب لتكوين عملي في التعامل مع قضايا فكرية وفقهية معاصرة.
ولفت إلى تدريب الطالب على أدوات تحليل الخطاب الديني وقراءة الأحداث التي تجري على الساحة العالمية، وتمكين الطالب من امتلاك المهارات الأساسية لبناء الذات بناء سوياً وامتلاك المهارات الحياتية الضرورية كالقدرة على الحوار والإقناع واتخاذ القرارات السليمة وحل النزاعات.

الدورات العلمية
وقال الظاهري إن الغاية من هذا المكون هي إعادة بناء الصلة بين الطالب والمنهج التراثي الأصيل في التعليم والتلقين، وشرح المتون من كتب التراث من خلال درس أسبوعي للطلبة، وقد اختير لهذا المكون عدد من المواد الأصيلة التي سيتلقاها الطالب انطلاقاً من دراسة متون علمية من التراث الإسلامي على يد عدد من الشيوخ المتقنين، لكي يخرج الطالب بحصيلة طيبة من المتون العلمية، وتقوية ملكة الحفظ إلى جانب ملكة الفهم والنقد، كما تأتي الدورات العلمية لاستكمال برنامج التكوين وتمكين الطالب من مضامينها ومباحثها سواء كانت علوماً شرعية أم فكرية أم علمية بحتة.

تعلم اللغات
وأكد الظاهري أن الأمر الآن استلزم تمكين الدعاة والعلماء الإماراتيين بأدوات كاللغة الإنجليزية، لمتابعة ما قد يتعلق بالعقيدة والشريعة الإسلامية وينشر باللغة الإنجليزية، «لجعل علماء الإمارات على دراية بكل ما يحيط بتخصصهم، ولذا تم إدخال الإنجليزية من خلال جامعة الزيتونة، التي يرأسها الشيخ حمزة يوسف في كاليفورنيا».
وأضاف: «بما أن الإنجليزية غدت في عصرنا أهم لغات البشرية من حيث الانتشار والاستخدام في التواصل والتأليف حتى في مجال الدراسات الإسلامية يتلقى الطالب تكويناً موسعاً في المفاهيم والمصطلحات الشرعية باللغة الإنجليزية، يتيح له ملكة توظيف هذه المصطلحات التوظيف العلمي الدقيق والاستفادة من الإنتاج العلمي الواسع الذي ينشر باللغة الإنجليزية سنوياً حول أهم العلوم والقضايا الإسلامية، كما تم دمج الطلبة في مؤتمرات دولية مهتمة بقضايا التسامح والتعايش والسلم وصناعة الفتوى سواء داخل أو خارج الدولة».
وأشار إلى أن البرنامج سيكون الطلبة من خلاله رافداً أساسياً للوظائف الدينية بالدولة سواء بالنسبة لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي وأساتذة بالأكاديميات، وباحثين في المراكز البحثية. ويحصل الطالب على 7 آلاف درهم إضافة إلى مسكن وبدلات أخرى ويتم إجراء تفرغ للبعض إن استلزم الأمر ذلك، إضافة إلى 6 شهور دورة تدريبية لتعلم اللغة الإنجليزية محسوبة من ضمن البرنامج ويتلقى حالياً 10 من طلبة المركز دورة تدريبية في بريطانيا. ويتيح المركز لطلابه مكتبة تحتوي على نحو 10 آلاف عنوان للطلبة، خاصة أن هناك ساعات مكتبية يتوجب على الطلبة الوفاء بها للاشتغال بالبحث.
ويتم تنظيم ورش عمل حيث يقدم الطالب ورقة تصورية حول قضايا معاصرة يناقشها مع وضع الحلول، ووفر المركز «استوديو افتراضياً» للطلبة بهدف تأهيلهم وإزالة الرهبة والقدرة على إدارة الحوار.

الخطاب الديني
قال خليفة الظاهري: «نحن الآن في حاجة ملحة إلى خطاب ديني تجديدي يعكس سماحة الإسلام وإنسانيته ورحمته، ويعي الواقع ومكوناته وإكراهاته في كل المجالات، يتصالح به المسلمون مع أنفسهم، ومع تراثهم العقدي والمذهبي الفقهي، ومع دولتهم الوطنية ومع كل الأفكار النافعة والقيم النبيلة التي تسعى البشرية اليوم إلى تفعيلها وترسيخها، ومن ثم التواصل مع شرائح كثيرة من المجتمع و استثمار التقنيات الحديثة لتحقيق هذا الهدف».
وأضاف: يأتي «برنامج إعداد علماء الدين الإماراتيين» ليفي بالحاجات المشار إليها من قبل ويستحضر ما ينبغي استحضاره من المعطيات والتحديات المحلية والعالمية، وليستجيب لضرورة استراتيجية ملحة.
وقال: عهدت دولة الإمارات العربية المتحدة بالإشراف العلمي على هذا البرنامج إلى معالي الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، نظراً لجهوده المشهودة في تجديد الخطاب الديني، ورؤيته لطبيعة التكوين والتأهيل اللذين يحتاجهما العالم المسلم في عصرنا، حتى يجمع بين «فقه الواقع» و«فقه الواجب في الواقع».

أهداف البرنامج
يستهدف البرنامج ترسيخ المعرفة الدينية الصحيحة والفاعلة في إطار ثوابت الإسلام ومقاصده، وتأهيل الشباب الإماراتي للوظائف ذات الصلة بالدين والتدين في مؤسسات الدولة وهيئاتها.
كما يستهدف إعداد علماء إماراتيين مؤهلين لنشر خطاب الوسطية والسلم وقادرين على تصحيح المفاهيم ومتمكنين من آليات ومناهج التأصيل والتوصيل والتنزيل، والإسهام في ضمان استمرارية جودة وتجدد النخب العلمية في المجتمع الإماراتي، تقوية مناهج البحث العلمي الشرعي والفكري والإنساني، وتعزيز جهود الدولة ودورها في نشر قيم التسامح والسلم على الصعيد الإسلامي والدولي وفي خدمة عقيدة أهل السنة ومذاهبهم الفقهية.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©