#تحقيقات
إشراقة النور 29 سبتمبر 2020
من الاسبريسو الإيطالي إلى العربية والتركية ومروراً بأميركانو وريستريتو وغيرها، تعد القهوة المشروب السحري والوحيد الذي دوزن أمزجة سكان كوكب الأرض على إيقاع واحد، فالناس اجتمعوا باختلاف مللهم وجنسياتهم وطبقاتهم، على عشقها واكتشاف ثراء النكهات والروائح المخبأة، في كوب أسود صغير دون أن يهجروها يوماً واحداً منذ مئات السنين.
كل يوم، يتم شرب أكثر من 4 مليار كوب من القهوة حول العالم، لكن لا أحد يعلم متى بدأ الإنسان في شرب القهوة. ولا يُعرف حتى متى نمت أشجار البن البرية على كوكبنا. لكن هناك العديد من الأساطير حول القهوة، وكيفية اكتشاف تأثيرها المثير، إذ يروى أن راعياً من إثيوبيا، لاحظ في العام 850 بعد الميلاد، أن ماعزه كانت نشيطة بشكل ملاحظ بعد تناول مجموعة متنوعة من محصول التوت، فذهب بها إلى الرهبان الذين حاولوا تذوقها، لكنهم أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بسبب مذاقه المر، لذلك ألقوا به في النار، واعتبروه عديم الفائدة، لكن بعد بضع دقائق، وصلت رائحة غير مسبوقة ومبهجة إلى أنوفهم، فقرروا إعداد مشروب من حبوب البن المحمص، وفي وقت لاحق اعتبروها هدية من السماء، حيث أبقاهم المشروب مستيقظين طوال الليل.
ثقافة القهوة
تعود ثقافة شرب القهوة إلى القرن الحادي عشر، وفي النصف الثاني من القرن الخامس عشر، انتشرت القهوة من المملكة العربية السعودية عبر مكة والمدينة ووصلت إلى القاهرة عام 1510، لتبدأ القهوة تلعب دوراً متزايد الأهمية في شبه الجزيرة العربية وآسيا الصغرى وسوريا ومصر وجنوب شرق أوروبا، على أنه تم افتتاح المقاهي الأولى في دمشق وحلب بين عامي 1530 و1532.
غزو أوروبا
في عام 1615، أحضر التجار الفينيسيون أول أكياس القهوة إلى أوروبا الغربية. جعلت رائحتها الرائعة وخصائصها المحفزة شراباً مفضلاً لدى الناس، وبدأت المقاهي في الظهور في جميع أنحاء أوروبا البرجوازية. وسرعان ما دخلت القهوة إلى أدب الأغاني التي تمدح صفات القهوة الواقعية، والتي حولت بعض المهمشين إلى عمال قيّمين. نقل البحارة الدنماركيون والإنجليز مصنع القهوة إلى مستعمراتهم حول العالم. وعندما تم صد هجوم الأتراك في فيينا عام 1683، ترك الجنود وراءهم 500 كيس من القهوة، استخدمهم رجل أعمال بولندي رحالة مغامر لفتح أول مقهى في فيينا، وقد صاحب انتشار المشروب زيادة كبيرة في زراعة أشجار البن. وفي نهاية القرن السابع عشر، جرت محاولات ناجحة لزراعة هذه الشجيرات في البيوت البلاستيكية، كما تم إرسال إحدى هذه النباتات كهدية إلى لويس الرابع عشر عام 1714.
مشروب العصر
في أوائل القرن العشرين، كانت البرازيل أكبر منتج للقهوة. واليوم، يتركز معظم إنتاج البن تقريباً في أمريكا الوسطى والبرازيل والمناطق الاستوائية في أمريكا الجنوبية. يبلغ الإنتاج العالمي للبن حوالي 150 مليون كيس سنوياً، حيث تحتل البرازيل المرتبة الأولى، وتنتج أكثر من 1/3 من هذه الكمية، ما جعل الطلب على القهوة ثاني أهم عنصر تجاري بعد المنتجات البترولية.
يُنسب الفضل عموماً إلى المطران جان بابتيست دي بيلوي في اختراع أول (آلة صنع قهوة) في عام 1800، والذي أطلق عليه اسم (دوبيلووير)، ثم تم اعتماد هذا الاختراع وتحسينه في المقاهي والمنازل الباريسية. وفي عام 1901 قدم الدكتور سارتوري كاتو الياباني أول قهوة فورية، وفي عام 1938 أرست نستله أسس البيع التجاري للقهوة الفورية.
صمود تاريخي
مرت القهوة بالكثير في تاريخها، والشيء العظيم أنه على الرغم من العديد من المحن والعواصف والأعاصير والصقيع والعوامل التي أتلفت مزارعها، لكن تصميم الناس كان يكفي لعدم التوقف عن زراعتها. ومنها أن جهود التجار الذين ينقلون أشجار القهوة والأشخاص الذين أرادوا ببساطة مشاركة هذا المشروب الرائع مع الآخرين، جعلت القهوة تغزو العالم كله اليوم، وتشكل عنصراً أساسياً في كل مطبخ تقريباً، إذ يدمن الناس في جميع أنحاء العالم على رائحتها، وتعتبر مزاج خاصاً لهم.
ما معنى قهوة؟
تأتي كلمة «قهوة» من الكلمة العربية القديمة نفسها قهوة kahwah أو الكلمة التركية kahweh، والتي تترجم حرفياً إلى إزالة التعب أو قوة الرفع. وهناك الكثير من الحقيقة في ذلك، فقد ثبت أن شرب القهوة قبل التمرين يمكن أن يقلل من آلام العضلات بما يصل إلى النصف، وفي البداية، تم اعتبار حبوب البن دواء!. والاستهلاك المنتظم للقهوة، يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، وأن المركبات النشطة بيولوجياً الموجودة فيه، تخفض مستويات الأنسولين، وتقوي جهاز المناعة وتقلل خطر الالتهاب في الجسم.
يوم عالمي
اليوم العالمي للقهوة، هو يوم المهرجان السنوي للقهوة، الذي أنشأته الدول الـ77 الأعضاء في المنظمة الدولية للبن (ICO) يوم 29 سبتمبر من كل عام. والهدف من الاحتفال هو التذكير بالقهوة كمشروب عالمي مفضل، كما تقام بنفس الوقت في دول عديدة مسابقات القهوة والعروض التقديمية والمعارض في جميع أنحاء العالم، وفي يوم الاحتفال بالقهوة، يتم أيضاً تعزيز قيم التجارة العادلة وزيادة وعي مستهلكي القهوة بعملية الزراعة نفسها، والأشخاص الذين يعملون في مزارع البن.