تعمقت الأزمة الناجمة عن طائرة "737 ماكس" لدى "بوينج" مع تأخر عودتها إلى الأجواء، إثر اكتشاف خلل أمني جديد يتوقع أن يكلف الشركة تبعات مالية واجتماعية ثقيلة.
وتراجع سهم الشركة المصنعة للطائرات بنسبة 2,34% في بورصة وول ستريت حوالى الساعة 16:00 بتوقيت جرينيتش، دلالة على تشكيك دوائر الأعمال بشأن رفع الحظر المفروض على تحليق الطائرة منذ منتصف مارس، بعد حادثين خلفا 346 قتيلاً.
وقالت إدارة الطيران الفدرالية، الجهة المنظمة الرئيسية للطيران في الولايات المتحدة، مساء الأربعاء، إنها اكتشفت خللاً جديداً يتعلق بمعالج دقيق على الطائرة ينطوي على "خطر محتمل". وقال سكوت هاميلتون الخبير لدى شركة "ليهام" إنها "ضربة إضافية للطائرة ولشركة بوينج".
واكتشف الخلل طيارو إدارة الطيران الفدرالية خلال اختبارات على أجهزة المحاكاة الأسبوع الماضي، وفق ما أفاد وكالة "فرانس برس" مصدر قريب من القضية شرط عدم الكشف عن هويته.
ووجد الطيارون صعوبة في استعادة السيطرة على الطائرة بسرعة بعد تفعيل نظام التثبيت ومنعها من السقوط، الذي اعتبر السبب وراء حادث طائرة "لايون إير" الإندونيسية في 29 أكتوبر 2018 (189 قتيلاً) والخطوط الجوية الإثيوبية في 10 مارس الماضي (157 قتيلاً).
وقال مصدران في قطاع الطيران، إنه خلل في المعالج الدقيق الذي يميل إلى توجيه أنف الطائرة نحو الأسفل. ولكن لم يتضح إن كان للمعالج الدقيق دور في الحادثين المذكورين.
ومع رفض "بوينج" التي تعمل على قدم وساق منذ عدة أسابيع على تحديث نظام تثبيت زاوية مواجهة الطائرة أثناء التحليق، توضيح طبيعة المشكلة، من الصعب القول ما إذا كانت هناك حاجة لتحديث النظام أو تبديل الأجزاء المعيبة.
وقال أحد المصادر، إن الخيار الثاني سيؤخر عودة "737 ماكس" إلى الأجواء لأنه "يتعلق بصميم هندسة وتصميم الطائرة".
وقال مصدر حكومي، إن النتيجة هي أن الرحلة التجريبية، الضرورية للحصول على شهادة اعتماد جديدة لطائرة ماكس، لن تتم قبل 8 يوليو على الأقل.
اقرأ أيضاً: "إيرباص" تتفوق على "بوينج" في "معرض باريس للطيران"
والخميس، ألغت شركة طيران "ساوث ويست إيرلاينز" الأميركية، وهي أكبر زبون للطائرة التي لديها منها 34 نسخة في أسطولها، جميع الرحلات التي كانت مبرمجة لطائرات "ماكس" حتى الأول من أكتوبر.
وزاد الطين بلة، دعوة الرابطة الدولية للنقل الجوي سلطات الطيران المدني الخميس، إلى "تنسيق المتطلبات الإضافية لتدريب طواقم بوينج 737 ماكس في ما بينها".
غير أن الأميركيين والكنديين والأوروبيين يختلفون بشأن التدريب المناسب، فالكنديون على سبيل المثال يريدون تدريب الطيارين على أجهزة محاكاة، وهذا يستغرق وقتاً أطول، لعدم توفر عدد كاف من الأجهزة المخصصة للتدريب.
وقال ميشيل ميرلوزو، الخبير لدى مؤسسة للأبحاث، إن "مصداقية إدارة الطيران الفدرالية مهددة"، وعلى الإدارة "التوصل إلى توافق مع الجهات التنظيمية الأخرى، الصينية والكندية والأوروبية لرفع الحظر عن الطيران".
وأضاف أن "كل أوجه عدم اليقين هذه تمثل مخاطر قد ترغم بوينج مجدداً على تقليص إنتاج طائرة ماكس من 52 إلى 42 نسخة شهرياً".
وقد تعلن "بوينج" عن إجراءات تسريح فني مبكر في منشأة إنتاج "ماكس" في رينتون قرب سياتل، في حين قد تتراجع نتائجها المالية بسبب تعليق عمليات التسليم لفترة أطول.
ويتوقع أن ترتفع الفاتورة التي قدرت بنحو مليار دولار في منتصف أبريل، فضلاً عن ارتفاع تعويضات شركات الطيران.
كما تعاني "بوينج" من أوجه خلل متصلة بالأمن، كما أشارت "إدارة الطيران الفدرالية" التي اكتشف مفتشوها على سبيل المثال أن مقاولاً من الباطن كان يزود شركة الطيران بصوامل لا تتناسب مع المواصفات.
ووفقاً لاتفاقية مدتها خمس سنوات، تم التوصل إليها أواخر عام 2015 مع الجهة المنظمة وحصلت "فرانس برس" على نسخة منها، وافقت الشركة المُصنّعة للطائرات على دفع غرامة قدرها 12 مليون دولار بسبب نقص الشفافية ومشكلات أمنية. وقد تفرض عليها عقوبات إضافية تصل إلى 24 مليون دولار إذا لم تغير إجراءاتها الأمنية الداخلية وممارساتها.