لكبيرة التونسي (أبوظبي)
يعد قصر المويجعي من القلاع التاريخية التي تزخر بها مدينة العين، والتي تقف شاهدة على الإرادة والحكمة والأصالة، فهذا المبنى التاريخي المميز الذي شُيد بمقربة من الواحات منذ حوالي 100 عام، كان حارسا لها لأكثر من قرن مضى، كما شهد ولادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأمضى فيه معظم أيام شبابه وهو يستقي الدروس والحِكم من والده المغفور له الشيخ زايد رحمه الله، ويقع قصر المويجعي وواحة المويجعي المجاورة في موقع مميز على صعيد جغرافية المكان وتاريخه، حيث يمثلان أحد أهم مواقع العين الثقافية والتي تندرج ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو.
صرح تاريخي
ناصر هلال الكيومي مدير العمليات بدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، تحدث عن تاريخ قصر المويجعي موضحاً أن هذا الصرح التاريخي تم بناؤه في السنوات الأولى من القرن العشرين في عهد الشيخ زايد بن خليفة الأول وعلى يد ابنه الشيخ خليفة بن زايد بن خليفة. وبعد وفاة الشيخ خليفة الأول، انتقل القصر إلى ابنه الشيخ محمد بن خليفة. وخلال هذه الفترة، كان بناؤه بارزاً ورائعاً على الرغم من بساطته، إذ كان يتميز بهيكله المربع وأبراج الزوايا البارزة وبوابة المدخل الكبيرة، وكان يستخدم كديوان «مجلس أو مكان للحكم» ومقصد لاجتماع الناس.
وأضاف الكيومي: «في عام 1946، أصبح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ممثلا للحاكم في مدينة العين، وانتقل للإقامة في قصر المويجعي، وأصبحت القلعة ديوانا لحكمه وبيتاً لعائلته، وأثناء فترة إقامته في القلعة، أدخل الشيخ زايد عليها الكثير من الإضافات الأمر الذي يعكس أهميتها المتزايدة، حيث تمت مضاعفة مساحة مبنى الديوان وتم توسيع المطابخ وغرف الضيوف حتى تستوعب الأعداد المتزايدة من الزوار الذين كان يستقبلهم رحمه الله. كما تمت إضافة تحسينات على المسجد، وزادت أهمية قصر المويجعي باعتباره مقصداً مجتمعياً يلتقي فيه الناس في مختلف المناسبات الاجتماعية، وأصبح المغفور له الشيخ زايد حاكماً لأبوظبي في عام 1966 وانتقل هو وابنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد إلى أبوظبي، ومنذ ذلك الوقت، لم يسكنها أحد فتضررت أبنيتها، واستخدمت لسنوات طويلة كمزرعة لأشجار النخيل، ولكن مراحل الترميم المختلفة التي تُوجت بمشروع التجديد أسهمت في عودة قصر المويجعي كمكان نابض مرة أخرى يعج بأنشطة المشاركة والتعلم.
ترميم وإعادة تأهيل
وأشار الكيومي إلى أن قصر المويجعي التاريخي خضع لعملية ترميم أعادت له مجده السابق، وأُعيد افتتاحه في نوفمبر 2015 ليصبح متحفا ومعرضا دائما، ويحكي المعرض الموجود بقصر المويجعي على مساحة محاطة بالجدران الزجاجية الرائعة في فناء القصر قصة القلعة وسكانها، ويعد هذا المعرض ثمرة عمل عدد كبير من الأفراد، من بينهم علماء الآثار، والمهندسون المعماريون، والمؤرخون، والمنسقون الفنيون، بالإضافة إلى توفير مساحة جديدة للتعلم في قصر المويجعي، وتعد هذه المرحلة هي الأخيرة في سلسلة ترميمات القصر التي بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، وحتى قبل ذلك الحين كان يتم ترميم وتجديد القلعة باستمرار. ويتراوح مناخ العين بين الحرارة الشديدة والأمطار النادرة الغزيرة، ما يشير إلى أن الجدران الطينية كانت في حاجة دائمة إلى الصيانة الدورية على مدار تاريخ القلعة، وكان من المهم الأخذ بعين الاعتبار جميع الأعمال السابقة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من بنية وتاريخ القلعة، وقد استخدم فريق الترميم أساليب ومواد تقليدية لتجديد هيكل قصر المويجعي مع ترك أكبر قدر ممكن من أجزاء القصر في مكانها، وبجانب عمليات الترميم، قام علماء الآثار بعمليات تنقيب مكثفة في المويجعي، فاكتشفوا آثارا لأنشطة زراعية في الواحات منذ القرن الثامن عشر، واكتشفوا أدلة على المراحل المختلفة لبناء القلعة.
معرض متميز
وأضاف الكيومي: «تم تصميم ساحة المعرض بمعرفة المعماريين المشهورين عالميا، ماتشادو وسلفيتي وشركائهما، وتعد هذه البساطة الأنيقة التي يتميز بها المعرض استكمالا لهيكل القلعة التقليدي والمسطحات الخضراء المحيطة، وقد عمل هذا الفريق المتنوع من المتخصصين معا لتصميم هذا المعرض المتميز في قصر المويجعي، احتراما لماضيه وحفاظا عليه من أجل المستقبل.
ويقدم قصر المويجعي للزوار الفرصة للتعرف على تاريخه من خلال الاكتشافات المبكرة للأدلة الأثرية حتى اليوم، وأهميته كبيت عائلي ومكان للحكم ومقصد للمجتمع، وستكون هناك فرصة لمعرفة الكثير حول الجوانب الخاصة بتاريخ قصر المويجعي، مثل دوره في استضافة الرحالة الزوار وأهميته وازدهاره.