الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة

بيكاسو.. تراث الفن الإسلامي يتألق في أعماله

بيكاسو.. تراث الفن الإسلامي يتألق في أعماله
31 مايو 2019 00:05

القاهرة – مجدي عثمان:

نشأ الفنان الإسبانى «بابلو بيكاسو»، وسط الثقافة الأندلسية، بصفته أندلسياً من مالقه، فقد كان قريباً من الفن العربي الإسلامي في طرازه الأندلسي، حيث يرى بعض النقاد أن المدرسة التكعيبية التي اشتهر بها، تأتي من علاقة خاصة بالشرق الإسلامي ونتاجه الفني.
ولنا أن نلمح تلك الروح في أعمال بيكاسو التكعيبية، والتي نجدها صدى لروح ومبادئ الزخرفة الإسلامية، خاصة الهندسية منها، والتي تحتاج إلى حسابات معينة حتى في تكرارها، وهو ما حاول واهتم التكعيبيون بتحقيقه في تلك المدرسة، بل أكدوا الوصول إليه.
وقد جاء المقال، الذي تناول أعمال بيكاسو التكعيبية في مجلة التايم عام 1950، شارحاً ارتباط تلك المدرسة بالفن الإسلامي: «لعلَّ أبرز ما حاولت التكعيبيّة تقديمه هو رؤية جديدة للأشياء مختلفة تماماً عن تلك الرؤية الكلاسيكية، لكن كيف أصبح المكعب، المثلث، الدائرة، المخروط والأسطوانة هم الدعائم الأساسية في هياكل بناء الأشياء.. فكل شيء في الكون، بما في ذلك الإنسان، هو جزء مِن بناء رياضي.. لقد ركزت التكعيبيّة على رسم الأشكال والأجسام ببعدين اثنين فقط، وأحياناً أربعة أبعاد، بعيداً عن فضاء الأجسام ثلاثية الأبعاد بشكلها الطبيعي».
وقد رسم الفنان الفرنسي «أوجين ديلاكروا» لوحتة «نساء الجزائر» في عام 1832، بعد زيارته الجزائر، فاستوحى منها بيكاسو 15 لوحة، غير غافل إرثه الثقافي الأندلسي، فأعاده في تلك اللوحات من خلال خطوط طولية وعرضية، تقارب فن الأرابيسك، لاعباً على العلاقات الهندسية والألوان وتركيبها من عناصرها الأولية كالمستطيل والمثلث والدائرة.
بيد أن بيكاسو لم يقف عند هذا الحد من التعامل من الموروث الأندلسي الإسلامي، فنجده بدأ يُضيف أشكالاً من الواقع إلى تلك المساحات الهندسية، ولكنه لم يتخل عن قيم أو حسابات الأرابيسك الدقيقة في أعماله، بل وضع الوجه الإنساني أو الجسد عموماً بأشكال غرائبية، تنزع منه الواقع وتحيله إلى شكل غير موصول به.
قد حاول بيكاسو دمج الأشكال البشرية في سياق اللوحات التكعيبية، بعدما كان مكتفياً بالطبيعة الصامتة مثل لوحة «فتاة مع ماندولين»، وأنجز أشهر لوحاته في تلك الفترة المتعلقة بالتكعيبية.
وبرغم أن بيكاسو كان لا يُلمح إلى تأثره بالفن الإسلامي، برغم أنه قال ذات مرة إن أقصى ما توصلت إليه في الفن سبقني إليه الخط العربي بقرون عدة، فهناك دراسة قامت بها الباحثة المصرية سهير عبد ربه، عرفت فيها بعض التأثيرات الفنية للمنمنمات الإسلامية في لوحاته، وتلك التأثيرات عبر المراحل التي مر بها «بيكاسو»، بدءاً من المرحلة الزرقاء، ثم المرحلة التكعيبية، فالمرحلتان التجريدية والكلاسيكية، والمرحلة السريالية.
ولد «بابلو بيكاسو» في 25 أكتوبر 1881، في مدينة مالقه في جنوب إسبانيا، وكان الطفل الأول للأسرة، أمه تدعى «ماريا بيكاسو لوبير»، وهو الاسم الذي اشتهر به «بابلو» فيما بعد، أما والده فهو الفنان خوسيه رويث الذي كان يعمل أستاذاً للرسم والتصوير في إحدى مدارس الرسم، وكذلك كان أميناً للمتحف المحلي، وقد تخصص في رسم الطيور والطبيعة.
درس بيكاسو الفن في طفولته على يد والده، وفي عام 1897 بدأ دراسته في الأكاديمية الملكية «سان فرناندو»، وتجول في المتاحف دارساً أعمال فيلاسكيز وجويا وغيرهما من فناني إسبانيا، وفي عام 1900 زار باريس لأول مرة، وتشارك المسكن مع الشاعر والكاتب ماكس جاكوب.
توفي «بيكاسو» في 8 أبريل 1973 في مدينة موجينيز بجنوب فرنسا.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©