أسماء الحسيني (الخرطوم)
تعثرت جولة المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي الحاكم، وقوى إعلان الحرية والتغيير حول تشكيل المجلس السيادي بالفترة الانتقالية، وانتهت جولة المفاوضات فجر أمس دون حسم الخلاف حول الجهة التي ستتولى رئاسة المجلس أو نسبة تمثيل كل طرف فيه. وإثر ذلك وجهت نحو دعوات لتصعيد الاحتجاجات، وصولاً للعصيان المدني. وقالت مصادر مقربة من الحراك الشعبي السوداني لـ«الاتحاد»، إن هناك انقساماً في صفوف قوى الحراك بشأن خيار العصيان. يأتي ذلك في وقت نشطت العديد من المبادرات من أجل الإسراع باستئناف المفاوضات، وعدم إضاعة الفرصة السانحة. وذكرت مصادر سودانية لـ«الاتحاد» أن حزب الأمة والعديد من الشخصيات الوطنية يتحركون في هذا الاتجاه، لمحاولة إنقاذ المفاوضات، ومنع انهيارها، والبناء على ما تم إنجازه.
وكان المجلس العسكري الانتقالي قد قال في بيان أمس، بأن نقاط الخلاف لاتزال موجودة، وتحول دون الوصول إلى اتفاق، موضحاً أن اللجان الفنية بين الطرفين ستواصل أعمالها من أجل التوصل إلى صيغة مرضية تلبي طموحات الشعب السوداني، وتصل بالبلاد إلى بر الأمان. وأكد المجلس العسكري الانتقالي في السودان أن نقطة الخلاف الأساسية العالقة مع قوى إعلان الحرية والتغيير تتمثل حول نسب التمثيل ورئاسة المجلس السيادي بين المدنيين والعسكريين.
وفي المقابل، دعا تجمع المهنيين السودانيين إلى الاستمرار في الاعتصام، وتنظيم إضراب عام، وذلك بعد تعثر المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى إعلان الحرية والتغيير، وقال تجمع المهنيين، أمس، إن المجلس السيادي الذي يشترط المجلس العسكري أن يكون برئاسة عسكرية، وبأغلبية للعسكريين، لا يفي بشرط التغيير، وشدد على ضرورة أن تكون السلطة ذات أغلبية مدنية. واتهم التجمع الذي قاد الاحتجاجات على البشير، ويرأس تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، المجلس العسكري الانتقالي بالتلكؤ في المحادثات، وسعى لزيادة الضغط على المجلس بتوسيع الاحتجاجات، كما حمل التجمع المجلس الانتقالي مسؤولية العنف الذي دار في الشوارع الأسبوع الماضي.
وقال بيان لتجمع المهنيين: «نؤكد أن ترتيباتنا التي ابتدرناها منذ بدايات حراكنا الثوري تُستكمل من أجل تحديد ساعة الصفر، وإعلان العصيان المدني والإضراب السياسي العام بجداول معينة».
من جهته، دعا على محمود حسنين زعيم الجبهة السودانية العريضة إلى إعلان الاعتصام، وقال في تصريحات لـ«الاتحاد» إن الاعتصام يجب أن يتمدد لا أن يتقلص، ليشمل كل أرض السودان، وإعلان العصيان المدني فوراً، حتى تتحقق أهداف الثورة كاملة».
ومن جانبه، تَوَعّدَ نائب رئيس المجلس العسكري، قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، كل من يخطط لإحداث انفلاتاتٍ أمنية في البلاد بالحسم، وأوصى قواته باليقظة والاستعداد والمحافظة على الصلاة والدعاء للبلاد لتخرج إلى بر الأمان. وقال (حميدتي) إن هناك جِهات تدبر وتخطط لإحداث فوضى. وأضاف: «نحن لهم بالمرصاد، ولن نجامل في أمن واستقرار البلد».
حراسة «قوش» تمنع النيابة من اعتقاله لاستجوابه حول مليار دولار
ذكر مكتب النائب العام السوداني أن النيابة العامة أمرت باعتقال رئيس المخابرات السابق صلاح قوش لاستجوابه بشأن حساب مصرفي لكن حراسه حالوا دون اعتقاله. وقال المكتب إن قوش كان من المفترض استجوابه بشأن حساب يحوي 46 مليار جنيه سوداني (مليار دولار) لا يتم الصرف منه إلا بتوقيع قوش فقط.
وقالت النيابة في بيان «على إثر دعوى جنائية أمام نيابة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه ضد المتهم (قوش)، تحركت قوة من الشرطة يرأسها ضابط برتبة عميد وتحت الإشراف المباشر من وكيل أول النيابة ووكيل النيابة المختص لتنفيذ أمر القبض والتفتيش على منزل المُتهم». وأضافت «تصدت القوة المكلفة بحراسة منزل المُتهم المذكور والتابعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني للأمر الصادر، ورفضت تنفيذه أمام وكلاء النيابة العامة».
والشهر الفائت، صادق الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الحاكم في البلاد على استقالة قوش بعدما تقدم بها بعد يومين من إطاحة الجيش الرئيس السوداني عمر البشير في 11 أبريل. وكان قوش أشرف على حملة قمع واسعة قادها جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني ضد المتظاهرين الذين يشاركون في تظاهرات حاشدة منذ أربعة أشهر أدت إلى إطاحة البشير.
وأوضح بيان النيابة أن ما قام به حراس منزل قوش «يدل على الانتهاك الصارخ للقانون وسيادة الدولة من قِبل قوات جهاز الأمن والمخابرات الوطني». وطالبت بإقالة رئيس جهاز الأمن والمخابرات الحالي وإعادة هيكلة الجهاز إلى جانب «التحقيق في هذه الواقعة التي تمس استقلال النيابة العامة». وقرر أفراد النيابة نتيجة ما حدث «وضع الإضراب الشامل قيد الدراسة». والاثنين، خاطبت النيابة العامة في السودان، المجلس العسكري الانتقالي باستدعاء مدير جهاز الأمن السابق صلاح عبد الله «قوش» بتهمة قتل «متظاهرين سودانيين» خلال الاحتجاجات الأخيرة.