السياحة هي الصناعة الأكثر حساسية، والحساسية هنا ليس علاقة بالمرض المعروف، ولكن هذه الكلمة تطلق على صناعة السياحة نظراً لسرعة تأثرها بمجرى الأحداث في العالم، فهي الأكثر تأثراً بأي أحداث سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو صحية، وأحيانا الرياضية.
عندما يظهر مرض ما في أي مكان في العالم، تجد السياحة أول المتضررين، وعندما يقع حدث سياسي ما ولو حتى مظاهرات داخلية في بلد ما، تجد السياحة أول المتضررين، وعندما يثور بركان في آخر الأرض، تجد السياحة أول المتضررين، وأحيانا قد تؤثر أحداث مباراة كرة قدم أو نتيجتها، لتكون السياحة أيضا أول المتضررين.
الأسبوع الماضي شهدت دبي انعقاد الدورة السابعة عشرة لسوق السفر العربي، ذلك التجمع السياحي العالمي الكبير، الذي صار بعد 17 سنة من انعقاده الأول، أكبر ثالث معرض سياحي في العالم.
كان سوق السفر العربي هذا العام أكثر من ناجح، وشهدت دورته هذا العام زيادة في عدد العارضين وفي عدد الزوار وعدد الوكلاء والمشترين، وكان التفاؤل يسود أجواء المعرض رغم المخاوف التي سبقته، بسبب أزمة بركان آيسلنلدا التي سبقت انعقاد المعرض وانتهت قبل أن يبدأ بأيام.
الغريب في الأمر، أنه منذ سنوات دائما ما تكون هناك أزمات عالمية قبل أن يبدأ موسم الصيف، منذ أزمة مرض سارس إلى أزمة تسونامي إلى أزمتي الانفلونزا الطيور والخنازير، ثم الأزمة الاقتصادية العالمية، ثم أخيراً أزمة البركان.
وهذا المعرض – سوق السفر العربي– هو المعرض العالمي الوحيد بهذا الحجم الذي يبدأ قبل موسم الصيف، وكأنه قدر له أن يكون ترمومتر تعافي صناعة السياحة أمام أزمات العالم.
فالكل يترقب دائما سوق السفر العربي ليأخذ المؤشرات على تعافي قطاع السياحة أو تعثره، ولكن دائما ما يكون المعرض هو المؤشر الإيجابي لهذه الصناعة الكبيرة في العالم.
ورغم حساسية صناعة السياحة، إلا أنها تتميز بالقوة والقدرة على استعادة حيويتها، فهي صناعة كما أراها دائما مرتبطة بالإنسان، ورغبته ومحبته للحياة بشكل دائم، فالإنسان لم يتوقف عن السفر والترحال منذ فجر التاريخ، سافر وتجول وساح في أرض الله سائراً على قدميه، دون كلل أو ملل أو تأفف، كان يتطلع دائما إلى المعرفة ومتعة التأمل والمشاهدة والتعرف إلى الآخرين، وتلك هي صناعة السياحة التي باتت الآن تشكل ركنا أساسياً في حياة البشر.
ملايين من البشر يسافرون سنويا ويتنقلون من هنا إلى هناك، ومن هناك إلى هنا، شعوبا وقبائل ليتعارفوا.
وسوف تظل السياحة أهم صناعة يقوم بها البشر ويتشاركون في إنتاجها وتحريكها وتدويها بأنفسهم، طالما بقي البشر يتناوبون الحياة على الأرض.
رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية