الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
اقتصاد

خبراء يحذرون البنوك من الاعتماد على التصنيفات الائتمانية

خبراء يحذرون البنوك من الاعتماد على التصنيفات الائتمانية
27 ابريل 2019 02:05

حسام عبدالنبي (دبي)

حذر خبراء مصرفيون، البنوك من الاعتماد التلقائي على التصنيفات التي تصدرها وكالات التصنيف الائتماني لتحديد مستوى المخاطر المرتبطة بإصدارات الدين السيادي.
ودعوا البنوك إلى عدم التكاسل عن القيام بدورها في تقييم المخاطر والاعتماد فقط على تلك التصنيفات بدلاً من جمع المعلومات الكافية وتطبيق النماذج اللازمة لضمان التقييم الكفؤ للمخاطر.
وقال هؤلاء إنه على الرغم من الأهمية المتنامية التي تكتسبها التقييمات الائتمانية التي تصدرها وكالات التصنيف الائتماني العالمية وكونها مفتاح دخول المؤسسات والدول إلى أسواق الدين العالمية عبر تقييم إصدارات السندات والصكوك، إلا أن تلك الوكالات دائماً ما يشار إلى التقارير التي تصدر عنها بعين الشك والريبة خاصة بعد أن كانت أحد الأسباب الرئيسة للأزمة المالية العالمية.
وذكروا أن الشكوك حول مصداقية دور وكالات التصنيف الائتماني جعلت العالم يبحث عن بديل عالمي لهذه التصنيفات، حيث دعا مجلس الاستقرار العالمي إلى تقليل مستويات الاعتماد التلقائي على التصنيفات الائتمانية، فيما دعت بنوك مركزية دولية إلى الاعتماد على المؤشرات الخاصة بالاستدامة المالية الصادرة عن صندوق النقد الدولي وعن بعض الجهات الدولية الأخرى في تقييم مستوى المخاطر المرتبطة بإصدارات الدين السيادي.
في المقابل، نفت وكالات التصنيف الائتماني العالمية التهم الموجهة لها، وأكدت أنها تعلمت بعض الدروس المهمة من الأزمة الاقتصادية الأخيرة وأنها اتخذت إجراءات النهوض بشفافيتها وحوكمتها وجودة تصنيفاتها، مشددة على أهمية دورها في زيادة الشفافية بالأسواق المالية وأن معاييرها الداخلية واهتمامها بالمحافظة على سمعتها يلغي أي شبهات حول تقاريرها.

اعتماد تلقائي
أكدت الدكتورة هبة عبدالمنعم، بقسم البحوث والدراسات بالدائرة الاقتصادية والفنية التابعة لصندوق النقد العربي، أن استخدام التقييم الائتماني الصادر عن شركات التصنيف الائتماني الدولية يلعب دوراً كبيراً في تقليل مستوى التباين بين المصارف فيما يتعلق بتحديد درجات المخاطر، منبهة إلى أن الاعتماد التلقائي على تلك التصنيفات لتحديد مستوى المخاطر المرتبط بإصدارات الدين السيادي يرتبط بقدر كبير من التحديات خاصة فيما يتعلق بالإصدارات من الدول النامية والأسواق الناشئة حيث إن تلك التقييمات قد لا تتسم بالحيادية ولا تعكس في بعض الحالات واقع التصنيف الائتماني للدولة.
وأوضحت أن الاعتماد على تلك التصنيفات قد يؤدي إلى خفض مستويات الطلب على هذه الإصدارات بما يحول دون الوفاء بالاحتياجات التمويلية للحكومات ويقيد في الوقت ذاته تطور الأسواق المالية ولاسيما أسواق السندات، منوهة بأن الاعتماد على هذه التصنيفات قد يجعل المصارف تتكاسل عن القيام بدورها في تقييم المخاطر وتلجأ في المقابل لاعتماد هذه التصنيفات بدلاً من جمع المعلومات الكافية وتطبيق النماذج اللازمة لضمان التقييم الكفء للمخاطر.
وأشارت عبدالمنعم، إلى أن مجلس الاستقرار العالمي أكد على أن تقليل مستويات الاعتماد التلقائي على التصنيفات الائتمانية الصادرة عن وكالات التقييم الائتماني الدولية يعد أمراً ضرورياً لضمان الاستقرار المالي، لاسيما وأن هناك شبه اتفاق دولي على إيجاد بديل عالمي لهذه التصنيفات خاصة في حال الاتجاه إلى اعتماد أوزان موجبة للمخاطر المرتبطة بالديون السيادية، لافتة إلى أن بعض الدراسات الصادرة عن البنوك المركزية الدولية دعت إلى إمكانية الاعتماد على المؤشرات الخاصة بالاستدامة المالية الصادرة عن صندوق النقد الدولي وعن بعض الجهات الدولية الأخرى في تقييم مستوى المخاطر المرتبطة بإصدارات الدين السيادي كون تلك المؤشرات تستند إلى أسس اقتصادية قوية ومبنية على المعلومات الخاصة بالمالية العامة للدولة وتوفر مؤشرات خاصة بالقدرة على الوفاء بالتزامات الدين.

اتهامات بالتلاعب
من جهتها، قالت منه الله محمود إبراهيم، الباحثة بإدارة البحوث والتوعية في المعهد المصرفي المصري، إن وكالات التصنيف الائتماني اكتسبت دوراً هاماً في النظام الاقتصادي العالمي، حيث تلعب دوراً محورياً في دعم الشفافية بالأسواق المالية من خلال توفير المعلومات والبيانات لتحديد درجة المخاطر.
وأوضحت أن وكالات التصنيف الائتماني تم اتهامها باعتبارها أحد الأطراف المتسببة في اندلاع الأزمات المالية العالمية، نتيجة لفشلها في منح الجهات المختلفة التقييمات التي تستحقها أو المبالغة في منح الكثير من التقييمات وذلك قبل وأثناء حدوث هذه الأزمات، منوهه بأن معظم المناقشات التي تناولت دور وكالات التصنيف الائتماني ركزت على تضارب المصالح وغيرها من المشكلات المتعلقة بجودة التقييم، ما جعل الحكومات تعيد النظر في أدائها وتأخذ في عين الاعتبار نقاط ضعف هذه الوكالات لإصلاحها.
وأشارت إبراهيم، إلى أن عملية التصنيف الائتماني تعد في غاية الأهمية حتى أصبحت من المعايير المعتمدة لدى البنوك المركزية ولها انعكاساتها على علاقات البنوك في الأوساط التجارية المحلية والدولية، مبينة أنه في ظل الأهمية المتنامية للتصنيف الائتماني أصبحت الدول تضعه في قمة اعتباراتها وتسعى إلى أن يعكس التصنيف سلامة أحوالها المالية.

مفتاح الدخول
بدوره، أفاد هشام المغربي، الخبير المصرفي بأن وكالات التصنيف الائتماني أصبحت مفتاح الدخول إلى أسواق رؤوس الأموال الخاصة، والاعتماد على تقاريرها والتصنيفات الصادرة عنها بات ضرورة حتى أن المقترضين المحتملين غالباً ما يتعين عليهم الحصول على تقدير لجدارتهم الائتمانية قبل محاولة تدبير الأموال اللازمة في أسواق رأس المال، مبيناً أن المقرضين المحتملين (مشتري السندات أو الصكوك) دائماً ما يستندون إلى هذه التقديرات لمعرفة الجدارة الائتمانية للمقترض، ما يساهم في تحديد الفائدة، أو السعر الذي يجب أن يدفعه المقترض مقابل الحصول علي التمويل.
وأكد المغربي، أن وكالات التصنيف الائتماني فشلت في تقدير المخاطر المتعلقة بسندات الرهون العقارية والسندات الهيكلية والتي أدت إلى نشوء الأزمة المالية العالمية في نهاية عام 2008، ما ترتب عليه تعرض تلك الوكالات لانتقادات واسعة.

الحفاظ على السمعة
تؤكد دراسة أعدها الباحث مصطفي العمراني، أن وكالات التصنيف الائتماني تتقاضى رسوماً من المؤسسات الراغبة في إصدار السندات مقابل تصنيف هذه السندات، حيث يرى بعض المراقبين أن هذه الرسوم كان لها دور في التقييمات السيئة للسندات المدعومة بالرهن العقاري، منوهاً بأن وكالات التصنيف الائتماني نفت صحة ذلك الأمر، حيث أكدت أن معاييرها الداخلية واهتمامها بالمحافظة على سمعتها يلغي تأثير هذا التضارب في المصالح.
وقال العمراني، إن وكالات التصنيف الائتماني دائماً ما تتهم بأنها رهينة من يدفع لها، فبعض الشركات تخصص ميزانية كبيرة جداً للحصول على تصنيف عال، أو قد تدفع لها لتدمير منافس آخر بتصنيف ضعيف، مؤكداً أن وكالات التصنيف الائتماني لم يعد لها اليوم نفس القوة والمصداقية التي كانت تتمتع بها قبل الأزمة المالية العالمية.

استيعاب الدرس
من جهتها، نفت وكالات التصنيف الائتماني العالمية الاتهامات التي وجهت لها بعد الأزمة المالية العالمية فقالت وكالة «موديز» إن لديها أساليب وسياسات وإجراءات صارمة وشفافة، بينما قالت «ستاندرد اند بورز» إنها تعلمت بعض الدروس المهمة من الأزمة الاقتصادية الأخيرة وأنها اتخذت إجراءات النهوض بشفافيتها وحوكمتها وجودة تصنيفاتها.
وقال محلل ائتمان أول في إحدى وكالات التصنيف الائتماني في دبي، فضل عدم ذكر اسمه، إن دور وكالات التصنيف الائتماني ضروري في زيادة الشفافية بالأسواق المالية ولولا ثقة الدول والمؤسسات المالية العالمية في تلك الشركات لما استمرت في عملها ولما تنامت أهميتها حتى أصبحت التصنيفات التي تصدر عنها معيارا للحكم ووسيلة أساسية من أجل دخول أسواق الدين، مؤكداً أن المعايير الداخلية التي تطبقها الوكالات العالمية واهتمامها بالمحافظة على سمعتها يلغي أي شبهات حول تقاريرها.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا اتخذت قبل سنوات تدابير لتنظيم وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الرئيسة من أجل ضمان تمتعها بمزيد من الشفافية والتنافسية إذ أصدرت واشنطن في عام 2010 قانونا لتأسيس «مكتب التصنيفات الائتمانية» في لجنة «السندات والصرف» ليعمل على محاسبة الوكالات وحماية المستثمرين والأعمال، أما الاتحاد الأوروبي فأسس في مطلع عام 2011 هيئة مستقلة باسم « السلطة الأوروبية للسندات والأسواق» بحيث تكون مكلفة بتنظيم نشاطات وكالات التصنيف وفقاً لمعايير الاتحاد الأوروبي.

أنواع التصنيف الائتماني والنظرة المستقبلية
يوجد نوعان للتصنيف الائتماني حسب المدة الزمنية أولها التصنيف الائتماني طويل الأجل ويقصد به رأي وكالة التصنيف بمخاطر الائتمان ذات فترة الاستحقاق سنة أو أكثر، ويحدد احتمال عدم الوفاء بالالتزامات المالية طويلة المدى.
أما النوع الثاني فهو التصنيف الائتماني القصير الأجل وهو تعبير عن رأي وكالة التصنيف بمخاطر الائتمان ذات فترة الاستحقاق والتي لا تزيد عن 12 شهراً، ويحدد احتمال عدم الوفاء بالالتزامات المالية قصيرة المدى.
وتستخدم وكالات التصنيف الائتماني رموزاً للدلالة على درجات التصنيف الائتماني للفترة القصيرة مختلفة عن الرموز المستخدمة للدلالة على درجات التصنيف الائتماني للفترة الطويلة.

التصنيف قياس لقدرة المصدرين على الوفاء بالتزاماتهم
يفترض أن تقوم عملية التصنيف الائتماني بدور في تعزيز الثقة المالية للبنوك والمؤسسات المالية، وعدم تعرضها لأخطار عالية تمس قدرتها على الوفاء بما عليها من التزامات. ويعرف التصنيف الائتماني بأنه عملية تهدف إلى تزويد المستثمرين (بما في ذلك البنوك) بالمعلومات اللازمة لاتخاذ قراراتهم بثقة أكبر وبخاصة التقييم المستقل بشأن قدرة الطرف المقابل (المقترض أو الجهة الحاصلة على التصنيف الائتماني) ورغبته في الوفاء بالتزاماته المالية، وكذا قدرته على إصدار معين من السندات أو أي التزامات مالية أخرى، إذ إن قدرة المصدر على الوفاء بتسديد فوائد الدين والأقساط المترتبة عليه تعد أهم مؤشر للجدارة الائتمانية التي تبنى عليها التصنيفات من قبل هذه الوكالات. ويمكن أن يكون التصنيف الائتماني لمؤسسة مالية (بنك أو صناديق الاستثمار أو شركة تأمين)، أو (تصنيف سيادي لدولة) الجدارة الائتمانية السيادية لها أو (لعملية ائتمانية) قرض

«ستاندرد» و«موديز» تهيمنان على 80% من إصدارات الدين في العالم
وكالات التصنيف الائتماني كلها شركات أميركية المنشأ، أشهرها «فيتش» و«موديز» و«ستاندر أند بورز»، وتسيطر «ستاندرد آند بورز» و«موديز» على تصنيف أكثر من 80% من إصدارات الدين حول العالم . وتعتمد 7 عوامل عند إجراء التصنيف، تشمل: نمو الناتج المحلي الإجمالي، التضخم، ووضع الموازنة العامة، الميزان الخارجي، المديونية الخارجية، التنمية الاقتصادية، المراجعة التاريخية لعدم السداد.

البداية قبل 110 أعوام والمستثمرون رفضوا دفع المقابل المادي
كان أول ظهور لمؤسسات التصنيف في عام 1909 عندما أصدر جون مودي، أول تحليل مالي صنف فيه سندات بعض الشركات وفقاً لدرجات أبجدية.
وبدأت تلك المؤسسات بفكرة أساسية وبسيطة تتمثل في تلبية احتياجات من يرغب في تلقي معلومات توضح فكرة السندات المصدرة عن شركة ما والعائد عليها وإعطاء تقييم للمستثمرين الذين يريدون الاستثمار فيها بمقابل مادي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©