الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
التعليم والمعرفة

"القمة الثقافية أبوظبي 2019" تختتم أعمالها بعد أربعة أيام من النقاشات

"القمة الثقافية أبوظبي 2019" تختتم أعمالها بعد أربعة أيام من النقاشات
12 ابريل 2019 01:39

الاتحاد، فاطمة عطفة (أبوظبي)

اختتمت النسخة الثالثة من «القمة الثقافية أبوظبي 2019» أعمالها بتقديم أفكار ونتائج إبداعية سيتم توظيفها لإحداث تغيير إيجابي ملموس. ونظمت دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، النسخة الثالثة من القمة خلال الفترة من 7 وحتى 11 أبريل، في منارة السعديات بأبوظبي.

قدّمت «القمة الثقافية أبوظبي 2019» على مدار خمسة أيام سلسلة حيوية من حلقات النقاش وورش العمل التفاعلية ركّزت على الفنون، والإعلام، والتراث، والمتاحف، والتكنولوجيا، فضلاً عن استضافة فنون أدائية وجلسات تواصل تحت عنوان «المسؤولية الثقافية والتكنولوجيا الجديدة»، وطرحت القمة الثقافية أبوظبي أسئلة حول كيفية تحفيز الوكلاء الثقافيين للعب دور أكبر في مواجهة التحديات العالمية، وكيف يمكن تسخير الإبداع والتكنولوجيا لإحداث التغيير الإيجابي.
في الجلسة الختامية من «القمة الثقافة أبوظبي 2019» تناول المنظمون والشركاء النتائج التي يمكن الخروج بها من النقاشات الطويلة وورش العمل التفاعلية.
وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي: «أحد الإنجازات الرئيسية لـ«القمة الثقافة أبوظبي» كان توحيد أهدافنا، حيث شكّل المشاركون وجهات نظر وأفكاراً جديدة عبر الإصغاء بتمعن، وإبداء آرائهم، والتعاون فيما بينهم، مستخرجين بذلك استراتيجية شمولية متوحّدة. وما تعلّمناه هنا بعضنا من بعض سيبقى معنا، ونحن على أتم ثقة واستعداد لإحداث تغيير ملموس حقيقي يخدم مستقبلنا المشترك، والانتقال من الرغبة إلى التنفيذ. وقد ألهمتنا القمة بالفعل للتحدث إلى شبكة معارفنا ودعوة كل من نعرفه إلى التفكّر في التحديات والقضايا التي طُرحت خلال هذه القمة، حتى نصل سوياً إلى حلول مثمرة».
وأضاف معاليه«قبل تأسيسه للدولة، قام الوالد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بإنشاء متحف، يسرد حكاية الدولة ضمن السياق التاريخي والاجتماعي للمنطقة ككل، موضّحاً كيف أننا جميعاً كبشر مرتبطون بطريقة أو بأخرى. إن روابطنا الثقافية ما تزال أكثر شيء نعتزّ ونحتفي به. ومن هذا المبدأ، أطلقنا القمة الثقافية أبوظبي. لقد قدمت هذه النسخة من القمة لنا ولجميع المشاركين شعوراً من التفاؤل الكبير، وأن هذه المشاكل والتحديات هي مشاكلنا كلنا، ونحن بصدد حلها سوياً».
وقالت ألكسندرا مونرو، كبيرة منسقي الفنون الآسيوية، متحف سولومون آر جوجنهايم، المدير المؤقت للشؤون الفنية، جوجنهايم أبوظبي: «لقد تعلمت الكثير خلال القمة الثقافية أبوظبي، حول الاتصال، والاستماع باهتمام، وإعادة النظر في موقفي حول العالم. ومن أهم الدروس التي تعلمتها تتمثل في انسياب التفكير، وأعتقد حقاً أنه يمكن حل أي مشكلة من خلال الجمع بين العقول اليقظة من مختلف المساحات الجغرافية والمهنية. ونحن نمر في مرحلة حرجة من التحول، زمن يشهد ثورة جذرية في الثقافة والتكنولوجيا. وفي هذه اللحظة، يجب أن نصوغ عقداً اجتماعياً جديداً، بدءاً بأنفسنا أولاً».
بدوره، قال تيم مارلو، المدير الفني للأكاديمية الملكية للفنون: «الاستماع أمر بالغ الأهمية، فعوضاً من الإساءة واستبعاد الأصوات والآراء الأخرى، أعتقد أن التعبير عن الاختلاف مهم، وأن التعاطف لا يمنع الخلاف. أحد المعطيات بالنسبة لي من هذه القمة الثقافية، هو أن المؤسسات الثقافية لا يمكن أن تصبح كل شيء للجميع، ويجب ألا تحاول ذلك. فهنالك توازن يجب تحقيقه بين الخبرة المؤسسية والاستماع إلى القوى الخارجية، وهذا ما ينبغي على المؤسسات الثقافية أن تسعى لتحقيقه».
أما من جانب منظمة اليونسكو، فقالت آنا باوليني، ممثلة اليونسكو في دول الخليج واليمن: «كان صوت الشباب موضوعاً رئيسياً للقمة الثقافية، ومشاركة الفئات العمرية المختلفة شيء يجب مراعاته في حدث العام المقبل. أعتقد أن جلسات القمة الثقافية أبوظبي 2019 نجحت في إثبات أهمية التراث الثقافي والقيمة الأساسية التي يجلبها للناس والمجتمعات. وتمكنا في الأيام القليلة الماضية من إنشاء علاقات جديدة وشبكات جديدة ستواصل المضي قدماً ومعالجة هذه المشكلات والتحديات الحرجة».
من جهته قال جون بيردو، محرر صحفي في مجلة «ذي إيكونوميست»: «تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بمكانة فريدة من نوعها في استضافة هذه الجلسات والحوارات المهمة للغاية، حيث لا أظن بأن فعالية بهذا المستوى قد تحدث في أي مكان آخر في المنطقة، وأنا ممتن لإتاحة الفرصة لي للمشاركة في (القمة الثقافية أبوظبي 2019). ومثّل موضوع حرية التعبير أحد المواضيع التي تطرقنا إليها، ومن وجهة نظري فإنه أمر يأتي نتيجة تفشي التسامح والتعاطف بين أفراد المجتمع. فإن الثقافة نفسها تتمحور حول التعاطف في أفضل حالاتها، حيث نتجاوز التركيز على الفرد ونفكر في دورنا في المجتمع ككل، فهي تربطنا فيما بيننا وبمساحة واسعة من تاريخ البشرية، وتساهم في تكوين أفضل اللحظات بالنسبة للبشرية كلها».

مبادرات وأفكار مشتركة
اتفق منظمو وشركاء «القمة الثقافية أبوظبي 2019» على عدة أفكار مشتركة، من تداولات الجلسات النقاشية وورش العمل، وهي:
- دراسة فكرة تطوير تكنولوجيا جديدة، لإنشاء متاحف الواقع الافتراضي (VR) لتوفير وصول أكبر إلى التراث الثقافي والفن، بما في ذلك إنشاء مشروع رائد في دول الجنوب.
- إنشاء منصة تمويل مبتكرة، تحدد نماذج للمواهب والممارسين الثقافيين لتحل محل نماذج التمويل التقليدية.
- تأسيس قاعدة بيانات رقمية عالمية للتراث، يتم تداولها بين الباحثين والخبراء والمتاحف والمؤسسات الثقافية.
- التكليف بإجراء دراسة تقيس نجاح المؤشرات النوعية لجميع المتاحف والمؤسسات الثقافية.
- تتولى دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي الإشراف على تنفيذ هذه المبادرات، ومن المتوقع أن تؤدي إلى سلسلة من حلقات العمل والفعاليات المتنقلّة حول العالم، بهدف تقديم فاعلية هذه النتائج في النسخة المقبلة لـ«القمة الثقافية أبوظبي 2020».

قضايا مؤثرة في جلسات اليوم الأخير
استهل اليوم الأخير من «القمة الثقافية أبوظبي 2019» أعماله بجلسة تحت عنوان «هل يمكننا العودة إلى الواقع؟» أدارها جون بيردو، محرر صحفي في مجلة «ذي إيكونوميست»، تمحورت حول مساهمة وسائل التواصل الاجتماعي في توسيع توزيع المحتوى الإعلامي والصحفي، وتسهيله أيضاً لإيصال ردود فعال الجماهير، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على أنفسهم وعلى المجتمع ككل. وتساءل المشاركون في هذه الجلسة عن ما يمكن للحكومات وشركات الإعلام وشركات التكنولوجيا فعله لتشجيع الحوار والتبادل الصادق والمثمر للأفكار.

سالم القاسمي وكيت جودوين خلال الحوار (من المصدر)
وقال جاسون ليفي، العضو المنتدب، منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، شركة فايس ميديا: «إن التأثير الكبير الناجم عن وسائل التواصل الاجتماعية والرقمية يعود إلى التوسع الهائل في الوصول والتأثير». كما أشار إلى التغير في عادات الاستهلاك، وكيف اضطرت شركته إلى تكييف وضبط محتواها لضمان تنفيذ هذه الخطوات، وتحمل هذه المسؤولية.
وتحدثت أماني الخطاطبة، مؤسسة ورئيسة مجلة MuslimGirl.com الإلكترونية، عن كيفية قيامها بتأسيس منصتها الإلكترونية، كرد فعل على رهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا) المتفشي في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر. فقد تم إنشاؤها لتمثل فضاء آمناً لم تجده في الحياة من حولها، لتوفر مكاناً للشابات المسلمات للتواصل والعثور على الآخرين مثلهن، والتعرف إلى الحياة العصرية كامرأة مسلمة.
من جانبها، أوضحت جويس باز، رئيس قسم العلاقات العامة والاتصالات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لشركة جوجل، أن مهمة جوجل الأساسية تتمثل في إيصال الأشخاص إلى المعلومات التي يبحثون عنها. فهم يتعاونون مع المنشورات وموزعي الأخبار من جميع أنحاء العالم لمواكبة دورة الأخبار، ويسعون جاهدين لتقديم أحدث المعلومات ذات الصلة وموثوقة المصدر.

حالات الطوارئ
وبحثت جلسة بعنوان «ما الجهات الفاعلة الجديدة المعنية بالتراث في حالات الطوارئ؟» الفجوات والفرص المرتبطة بهذه الفكرة، وذلك استناداً إلى اعتبار منظمة اليونسكو حماية التراث الثقافي في الأزمات ليست ترفاً بل قضية إنسانية جوهرية، وأدارت الجلسة أليساندرا بورشي، منسق صندوق التراث لحالات الطوارئ في منظمة اليونسكو، التي افتتحت الجلسة بالتأكيد على أن الثقافة ليست أمراً رفاهياً بالنسبة للمجتمع، بل هي ضرورة أساسية، ويفترض أن أهمية التراث تكمن في قدرته في الكشف عن نسيج المجتمع، وتعزيز التسويات ودفع التنمية، والحفاظ عليه لا يتطلب موارد مالية كبيرة فحسب، بل إلى إشراك جميع أصحاب المصلحة المعنيين بحالات الطوارئ أيضاً، حتى أولئك الذين لا يساهمون عادة في المجال الثقافي. ويجب تنفيذ كل من التدابير الوقائية والتفاعلية في حماية التراث.
ولاحظ فاليري فريلاند، المدير التنفيذي للتحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع «ألف»، الفجوة الكبيرة بين التدمير الهائل الذي تعرضت له صروح ومعالم تراثية حول العالم في السنوات الأخيرة، وبين رد فعل المجتمع الدولي، وساهم نقص الموارد المالية في ذلك.
وأوضح بنجامين تشارليير، المستشار القانوني في الخدمات الاستشارية حول القانون الدولي الإنساني، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كيف أن منظمته، التي يبلغ عمرها الآن 150 عاماً، مكلّفة بتقديم المساعدة إلى ضحايا النزاع المسلح.
وأشار المقدّم جايمس هانكوك، مدير الشراكة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن منظمته هي أكبر تحالف عسكري في العالم، وافترض أن الوقت قد حان لرفع الوعي حول مسألة حماية التراث داخلياً وخارجياً.

حرية التعبير
وفي جلسة تحت عنوان «هل يمكننا إجراء مناقشة هادفة حول مفهوم حرية التعبير؟»، والتي أدارها تيم مارلو، المدير الفني للأكاديمية الملكية للفنون، تباحث المشاركون عن المسؤوليات الثقافية للفنانين والأدباء والمتاحف والمؤسسات الأكاديمية في ما يتعلق بالحرية الإبداعية- أين يجب وضع الحدود على التدخل للدفاع عن الحق؟
تعتقد مونيكا نارولا، الفنانة والعضو المؤسس لمجموعة ميديا كوليكتيف، أن حرية التعبير يجب أن تُرى كجزء من التجربة الإنسانية ككل. فيجب أن ندرس العتبات المسموح بها، والتي نتفاوض عليها في تجاربنا اليومية. وأن حرية التعبير لا تقل أهمية عن حرية الاستماع.
وتحدّث أليكساندر كيلنر، مدير المتحف الوطني للبرازيل (ريو دي جانيرو)، حول مدى اتساع مفهوم «حرية التعبير»، حيث إنه يرى بأننا نتشارك جميعاً مسؤولية ما نعبّر عنه.
وتعمّق الفنان خالد حوراني في مفاهيم حرية التعبير وحرية الاستماع، ولاحظ أن حرية الصمت في بعض الأحيان لا تقل أهمية عنهما. فهو يرى الفن كفرصة لفهم بعضنا بعضاً، وتعزيز الأمل للأجيال المقبلة، ليس فقط في مناطق الصراع ولكن في كل مكان حول العالم.

فهرسة الهندسة
ودار حوار بين الشيخ سالم القاسمي، الوكيل المساعد، وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وكيت جودوين، مهندسة معمارية من الأكاديمية الملكية للفنون، بعنوان «فهرسة الهندسة المعمارية»، ناقش طرق توثيق الحفاظ على التراث المعماري.
وأشار الشيخ سالم القاسمي إلى أن العمارة عنصر رئيس في تعريفنا الواسع للثقافة. ويتم إعطاء أهمية كبيرة لمواقع التراث القديم والحفاظ عليها، ولكن من المهم بالقدر نفسه توثيق الهندسة المعمارية الحديثة التي لا تحظى بتقدير كبير، والحفاظ عليها، وندرك الآن أهمية الهندسة المعمارية من الستينيات والسبعينيات والثمانينيات. ولتوثيقها بشكل صحيح، يجب علينا تطوير ووضع سياسات تنفيذية بهذا الشأن، وإجراء البحوث المناسبة لوضع المقاييس والنماذج التي يجب الحفاظ عليها. ولطالما وقعت هذه المهمة على عاتق البلديات، ولكن دولة الإمارات العربية المتحدة تنظر الآن إلى هذا الأمر من منظور ثقافي. وأشار إلى أن مبادرة الهندسة المعمارية لدولة الإمارات، التي تم إطلاقها مؤخراً شرعت في ذلك، مع التركيز على برنامج للتعليم والبحث والتوثيق المتركّز على ما هو أكثر أهمية بالنسبة للدولة في الوقت الحالي.
ووافقت كايت جودوين على أن العمارة تتعلق مباشرة بالثقافة، فهي فن اجتماعي، وتشكل جزءاً كبيراً من الحياة اليومية للمجتمع. وأشارت إلى أن الأكاديمية الملكية للفنون تم تأسيسها من قبل فنانين ومهندسين معماريين معاً، ويمكن إدماج الهندسة المعمارية في محادثات ثقافية أكبر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©