الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
اقتصاد

الوقود الحيوي يكافح من أجل البقاء

الوقود الحيوي يكافح من أجل البقاء
5 ابريل 2020 01:39

واشنطن (د ب أ)

واصل انتشار فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط تسديد الضربات القاسية لصناعة الوقود الحيوي، لدرجة قادت إلى إغلاق عدد من مصانع الإيثانول، وللأسف قد لا يعود بعضها أبداً للعمل. وتخضع صناعة الوقود الحيوي كلها لإعادة تقييم، فقد أصبح تراجع الطلب والأسعار يعني أن صغار المنتجين ومن لديهم ديون كبيرة سيكافحون للنجاة في ظل خسائرهم.

البجعة السوداء
وفي تحليل لوكالة «بلومبرج» للأنباء، قال تود بيكر المسؤول التنفيذي لمصنع «جرين بلاينز» الأميركي لإنتاج الإيثانول «عندما نتجاوز البجعة السوداء (نظرية البجعة السوداء التي تشير إلى صعوبة التنبؤ بالأحداث المفاجئة)... أي حرب أسعار النفط وفيروس كورونا... ربما نبدو مختلفين كصناعة... هناك بالتأكيد مصانع سينفد رأسمالها».
وتواجه هذه الصناعة التي كان ينظر إليها كبديل أكثر مراعاة للبيئة، ضربة ساحقة من جانب آخر. فمصانع إنتاج الإيثانول من الذرة في الولايات المتحدة تغلق أبوابها، وديون المنتجين البرازيليين للوقود القائم على قصب السكر مستمرة في التزايد، كما أن جهود استخدام المزيد من الوقود الحيوي أصبحت مهددة في آسيا. أما في أوروبا، فتحول المنتجون إما لخفض الإنتاج أو لتوفير المواد اللازمة لتصنيع معقمات الأيدي.

بنزين رخيص
وتراجع سعر البنزين في أميركا لأدنى مستوى في 20 عاماً، ووصل سعر البيع للمستهلك إلى ما دون الدولار للجالون في بعض الولايات. يأتي هذا في ظل استمرار حرب أسعار النفط التي قادت لانهيار أسعار الخام، إلى جانب تفشي فيروس كورونا الذي قاد أيضا لانهيار الطلب.
ورغم أن أسعار الوقود الرخيصة أمر جيد للمستهلكين، إلا إنه مؤلم لمنتجي الوقود الحيوي والمزارعين الأميركيين، الذين يبيعون نحو ثلث إنتاجهم من الذرة لمصانع الإيثانول.

ضربة جديدة
ويكافح المنتجون لتوفير مستودعات للتخزين في ظل استمرار تراجع الطلب. ووفقاً لـ«جرين بلاينز»، فإنه خلال الثلاثين يوماً القادمة سيتوقف إنتاج 3 إلى 4 مليارات جالون من الإنتاج الأميركي.
يقول مونتي شو المدير التنفيذي لشركة «آيوا رينيوابل فويلز أسوسييشن»: «في مرحلة، ستصبح خزاناتك ممتلئة وشاحنات الوقود ممتلئة، وستبدأ حتى في ملء أكواب القهوة في الكافتيريا... بعد هذا، سيتم إغلاق المصنع».
ومما لا شك فيه، أن منتجي الوقود الأحفوري ليسوا بمأمن عن هذه التحولات.
لكن بالنسبة لصناعة الوقود الحيوي الأميركية، فإن جائحة «كورونا» وانهيار أسعار النفط يمثلان فقط الحلقة الأحدث في سلسلة الضربات في تاريخها القصير والصاخب في الوقت نفسه.
وكانت شركة «آرتشر دانيلز - ميدلاند» عملاق الأعمال التجارية الزراعية بدأت إنتاج الإيثانول في أواخر السبعينيات. إلا أن الأمر استغرق حتى مطلع الألفية عندما أعلن الرئيس آنذاك جورج دبليو بوش تفويضاً لاستخدام هذا الوقود للحد من الاعتماد على النفط المستورد، ومنذ ذلك الحين بدأت الصناعة في الاتساع. إلا أن بعض المصانع أفلست بعد ارتفاع أسعار الذرة في 2008.
وخلال السنوات القليلة الماضية تباطأ النمو في الطلب على البنزين، ما قاد إلى وجود حاجة لتصدير المزيد من الإمدادات الأميركية. إلا أن الصين توقفت عن شراء الإمدادات الأميركية بسبب النزاع التجاري بين البلدين. وقد شكل هذا ضغوطا على الصناعة التي لم تعد أبداً كما كانت.
ورغم أن بكين بدأت في العودة إلى السوق الزراعية الأميركية بعد اتفاق مرحلي بين الجانبين، وبدأت شراء بعض شحنات الذرة، فإن هذا لن يكون كافياً لتعويض الضغط الناجم عن انخفاض إنتاج الإيثانول.

إعصار مالي
وبالمثل، فإن الصورة قاتمة أيضا في البرازيل، حيث تكافح المصانع في ظل انخفاض أسعار كل من السكر والإيثانول.
وأصبح القطاع مثقلاً بديون مقومة بالدولار في ظل تراجع العملة البرازيلية إلى مستوى قياسي منخفض.
وتراجع استهلاك الوقود البرازيلي أكثر من 50% خلال أسبوع، ليواجه القطاع بالفعل «إعصارا» ماليا. فقد أغلق أكثر من 50 مصنعاً أبوابه منذ عام 2011، كما قدم 70 مصنعاً آخر طلبات للحماية من الإفلاس.
وفي آسيا، وصلت أسعار زيت النخيل إلى أعلى سعر مقابل الديزل خلال سنوات، وهو الارتفاع الذي من المحتمل أن ينسف الجهود التي تبذلها إندونيسيا وماليزيا للترويج للمزيد من استخدام الوقود الحيوي محلياً.
ومن المؤكد أن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تتعافى الاقتصادات من آثار الفيروس. ويرى دان كوالسكي نائب رئيس قسم البحوث في بنك «كوبنك» التعاوني الأميركي، الذي يقدم قروضا للنشاط الزراعي، أن التعافي الاقتصادي قد يؤدي إلى عودة الطلب على الإيثانول في الربع الرابع.
ويضيف:«نتوقع أن تستمر مصانع الإيثانول في الإغلاق... وحتى تعود أسعار البنزين إلى معدلها وتدعم عودة أسعار الإيثانول مرة أخرى، فإن وضع الإيثانول سيظل سيئاً للغاية».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©