هالة الخياط (أبوظبي)
نجح برنامج إكثار الحبارى، التابع للصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى، والذي يعد أكبر مشروع لإعادة الأنواع في تاريخ الإنسانية، في مساهمته بخروج طائر الحبارى من دائرة الانقراض، وذلك عبر إنتاج 423 ألف طائر حبارى منذ عام 1996، كما عمل البرنامج منذ عام 1998 على إطلاق أكثر من 302.6 ألف طائر حبارى في البرية. وكشف معالي ماجد المنصوري، العضو المنتدب للصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى، أن الصندوق بصدد إجراء مسح شامل لأعداد طيور الحبارى في الطبيعة في كافة دول انتشار طائر الحبارى العام المقبل، بما يعطي رقماً تفصيلياً أكثر دقة عن طائر الحبارى وأعداده في البرية في دول الانتشار كافة. وقال في حوار مع «الاتحاد»:«إن الفترة المقبلة ستشهد ترجمة لاستراتيجية الجهاز التي تركز حالياً على استدامة تكاثر الطائر في الطبيعة، وتعزيز فكرة الصيد المستدام، ووضع حد لتهريب صيد الحبارى بطرق غير مشروعة».
أشار معالي ماجد المنصوري ، العضو المنتدب للصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى، إلى أن الصندوق بصدد افتتاح عدد من المحميات المخصصة للصيد المستدام في منطقة الظفرة وعدد من دول انتشار الطائر، والاستمرار بإطلاق طائر الحبارى في عدد من دول الانتشار كالأردن، والبحرين، والسعودية وكازاخستان وباكستان، وغيرها من دول الانتشار في آسيا الوسطى.
وأوضح المنصوري أن إنتاج المراكز التابعة للصندوق، خلال العام الماضي، فاق الـ 53 ألف طائر حبارى، عبر المراكز الأربعة التابعة للصندوق في الدولة وخارجها، فيما تم رصد 18 موقعاً في منطقة الظفرة موجوداً فيها أعشاش وحبارى في البرية، ولا يزال موسم التكاثر للعام الحالي مستمراً.
استدامة الحبارى
وقال:«إن استراتيجية الصندوق تركز خلال المرحلة الحالية على استدامة وجود الحبارى في البرية، والصيد المستدام، أكثر من التركيز على الإنتاج، لذلك يعمل الصندوق على إطلاق الحبارى في المحميات المسموح بها الصيد، وهناك مباحثات مع المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية لافتتاح محميات مخصصة لصيد الحبارى بالطرق المستدامة». وأشار إلى أن استراتيجية الصندوق منذ عام 2017 بدأت تركز على الاستدامة لا سيما وأن عام 2016 شهد تحقيق الصندوق هدفه بإنتاج يفوق الخمسين ألف حبارى في العام، مبيناً أن الاستدامة تتحقق من خلال الإطلاقات المتعددة، وتكاثر الحبارى في الطبيعة.
وأوضح أن الصندوق يطلق سنوياً في الدولة 3500 طائر حبارى، وقد بدأت تتكاثر وتستوطن، خاصة في منطقة الظفرة، وتم رصد 18 موقعاً العام الماضي، وجدت فيها أعشاش وأفراخ حبارى، وهي تعتمد في تكاثرها في الطبيعة على توافر موسم الأمطار، وتكاثر الحشرات والموائل الطبيعية.
ولفت إلى أن تحقيق استراتيجية الصندوق بالمحافظة على الحبارى في الطبيعة يكون عبر المحافظة على مسارات الهجرة، وتوفير حبارى للصقارين في المحميات المتخصصة بالصيد المستدام، بالتالي المحافظة على الحبارى البرية، وفي هذا الإطار، وقع الصندوق اتفاقيات ثنائية مع كازاخستان وأوزباكستان وتركمنستان والمغرب والجزائر، للمحافظة على طائر الحبارى في البرية.
الحبارى والتراث
وأكد المنصوري أن طائر الحبارى يعد عنصراً أساسياً في تاريخنا منذ آلاف السنين، وهو جزء لا يتجزأ من ثقافتنا، ونسجت حوله العديد من القصص والحكايات التي تعاقبت الأجيال على روايتها والاستماع إليها، وعندما شرع الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في استعادة الحبارى، والحفاظ عليها، لم يكن ذلك مجرد مبادرة لاستعادة نوع من الأنواع المهمة في بيئة وتراث الإمارات، بل كان أيضاً للحفاظ على أسلوب حياة يربطنا بالسلوكيات المستدامة لأسلافنا، وبأخلاقهم الفاضلة في التعامل مع الإنسان والحيوان والطبيعة.
وذكر أن الفضل في نجاح جهود برنامج إكثار الحبارى يعود للأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بفطرته السليمة، حيث أطلق المغفور له رؤية استباقية، وضعت جهود الدولة على المسار الصحيح، لإحداث الفارق، من خلال استشراف إمكانية إكثار هذا الطائر في الأسر، وتكثيف الجهود لاستدامته، والمحافظة عليه، ففي عام 1977، بدأ العمل في تحقيق هذه الرؤية بتجربة رائدة لإكثار الحبارى في حديقة حيوان العين، وفي عام 1982 لاحت تباشير النجاح بإنتاج أول فرخ حبارى آسيوي في الأسر بالدولة.
دعم القيادة
وأشار إلى أن النتائج القياسية التي يحققها الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى، وعدد طيور الحبارى التي يتم توفيرها لدعم المجموعات البرية من الحبارى، يعود الفضل فيها لدعم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس إدارة الصندوق، وسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، مشيراً إلى أن إنتاج الصندوق أصبح الآن يغطي دول انتشار الحبارى كافة، من شمال إفريقيا إلى الصين ومنغوليا.
أربعة مراكز
وأكد ماجد المنصوري أن الصندوق يدير أربعة مراكز، اثنان منها في إمارة أبوظبي، ومركز في المغرب، ورابع في كازاخستان، مبيناً أن مركز الشيخ خليفة لإكثار الحبارى والمركز الوطني لبحوث الطيور في أبوظبي ينتجان سنوياً نحو 35 ألف حبارى آسيوية، جزء منها مخصص للإطلاق، وجزء للصيد المستدام، وجزء يستخدم لأغراض الإكثار بالأسر في المراكز الموجودة.
وقال:«منطقة الظفرة تسهم بشكل كبير في إعادة توطين الحبارى في الطبيعة، باعتبارها الملاذ المناسب لطيور الحبارى، كما أن منطقة بينونة تعتبر منطقة استراتيجية لإعادة توطين الحباري في الطبيعة، وتشهد العديد من الإطلاقات، إلى جانب الإطلاقات في دبي والعين وما حولها، ومناطق أخرى في دولة الإمارات، وأكثر الإطلاقات في الدولة تكون في منطقة الظفرة، نظراً لاتساع مساحتها من ناحية، ولوجود المحميات التي أنشأها الشيخ زايد في المنطقة المتخصصة بالحبارى، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد توسعات قادمة للمحميات في منطقة الظفرة، بدعم وتوجيهات من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة».
دعم صقاري الإمارات
أشار معالي ماجد المنصوري إلى أن هناك اتفاقية بين الصندوق الدولي للحبارى ونادي صقاري الإمارات بتوفير حبارى مكاثرة بالأسر لأغراض الصيد المستدام، وهناك محميتان، وهي محمية المرزوم، ومحمية تلال في منطقة الرماح، حيث يستقطبان الكثير من الصقارين.
ولفت إلى أن نادي صقاري الإمارات، بدعم وتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، يعمل مع الصندوق لتشجيع الصيد المستدام، عبر توفير حبارى مكاثرة في الأسر للصيادين، والهدف من هذه الخطوة هي تقليل اقتناء أو شراء حبارى مهربة، عبر توفير حبارى صحية مكاثرة بالأسر، تحت إشراف متخصصين في تغذية الحبارى ومأواها، والعناية بها، فيما الحبارى المهربة قد تحمل فيروسات وأمراض كانفلونزا الطيور، وغيرها.
وأفاد أنه يتم توفير 10 آلاف حبارى سنوياً لنادي الصقارين من الصندوق، لتوفيرها في محميات الصيد أو في الدول الأخرى، مشيراً إلى أن العام الحالي شهد الاتفاق مع المملكة العربية السعودية لتوفير بعض الحبارى للصقارين في المملكة، وفي دولة الكويت أيضاً.
وأشاد معالي المنصوري بجهود ودعم سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة في مجال المحافظة على الصقارة كتراث إنساني عظيم، فهي تراث إنسان أكثر منها رياضة، والإمارات هي الدولة الرائدة في تسجيل الصقارة في منظمة اليونسكو كتراث إنساني، وما زالت الدولة تقود كل الملفات التي لها علاقة بهذا التراث.
ولفت إلى أن الصندوق يعمل مع هيئة البيئة في منطقة الظفرة، وبدعم من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، لتأسيس أكبر محمية لإطلاق الحبارى في الظفرة.