ستيفاني ميري*
في كتابها الذي يدعو إلى العودة إلى جذور الشعوب الأصلية من أجل التصاميم الأكثر استدامة، تتساءل «جوليا واتسون»: ماذا لو لم تكن أعظم ابتكاراتنا في التصميم ليست صادرة عن وادي السيليكون ولكنها أفكار مبدعة مقتبسة من تاريخ الشعوب الأصلية؟ بلا شك أن التكنولوجيا الحديثة قد عززت راحة الإنسان، لكنها حلت مشاكل عن طريق خلق مشاكل جديدة، يمكن القول إنها أكبر. على سبيل المثال، على الرغم من الراحة التي تجلبها لنا مكيفات الهواء، يحذر العلماء من أن تبريد المنازل والسيارات والمكاتب من الداخل يجعل العالم أكثر سخونة. وهذا أمر ليس مريحاً على الإطلاق.
فهل ثمة وسيلة لكي نقرن التجديد مع الاستدامة؟ نعم، وقد اكتشفت بعض الثقافات كيفية القيام بذلك قبل ألف عام.
يتطرق كتاب «لو –تك: تصميم يعود لجذور الشعوب الأصلية»، بقلم «جوليا واتسون»، إلى بعض الطرق المذهلة التي كانت الشعوب الأصلية تعمل بها مع التوافق مع البيئة، وليس ضدها، لجعل الحياة أكثر ملاءمة للعيش.
وتشير «واتسون» في كتابها إلى أن «تكنولوجيات الشعوب الأصلية لم تضع أو تُنسى، لكنها فقط مختبئة بسبب ظل التقدم في الأماكن النائية على ظهر الأرض»، كما يفسر عالم الأنثروبولوجيا والكاتب والمصور «ويد ديفيس» في مقدمة الكتاب.
ويضيف «في حين أن المجتمع يقدّر ويحافظ على التحف المعمارية للثقافات المندثرة، مثل أهرامات الجيزة التي يبلغ عمرها أربعة آلاف سنة، فقد تم تهجير الأحياء، مثل تقنية جزيرة «معدان» العائمة في الأراضي الرطبة جنوب العراق (عرب الاهوار)، التي تعود إلى ستة آلاف سنة».
إن عدد سكان «معدان» يتناقص، لكن جزرهم العائمة تقدم أفكارا للمهندسين المعماريين الذين يتساءلون في حيرة كيف يمكن للمجتمعات الساحلية في المستقبل أن تصمد أمام الارتفاع الحتمي لمستويات سطح البحر، وبالإضافة إلى بناء المنازل في منطقة قد تبدو غير صالحة للسكن، قام سكان «معدان» ببناء هذه المنازل بالكامل من «مادة واحدة محلية وغير مكلفة ومرنة»، بحسب ما كتبت «واتسون»، وبدون استخدام أخشاب أو مسامير أو زجاج. وتتكون مساكنهم من عيدان قصب تشبه الخيزران (البامبو) والتي تنتشر في المنطقة. ويمكن هدم المنازل وإعادة بنائها في أقل من يوم –وهي نعمة عندما تبدأ المياه في الارتفاع ويحتاج السكان بسرعة إلى أراضٍ أعلى.
وتعد «معدان» هي مجرد واحدة من الثقافات التي يسبر غورها كتاب «لو –تك» بتفاصيل رائعة، حيث يسلط الضوء على الابتكارات التي تم التغاضي عنها أو التقليل من شأنها باعتبارها «بدائية». ويتطرق الكتاب أيضاً إلى عدد من الطرق الأخرى التي استخدم بها السكان الأصليون الطبيعة لصالحهم من دون الاستهانة بها.
....................
*كاتبة أميركية متخصصة في عروض الكتب
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»