الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
اقتصاد

أسعار المواد الغذائية ومرونة المعروض

5 ابريل 2008 23:49
رغم تأخر الدعوة التي وجهتها وزارة الاقتصاد قبل أيام إلى التجار والمؤسسات التجارية والجمعيات التعاونية نحو استغلال تعديلات القانون الاتحادي رقم (18) لسنة 1981 والقاضي بشطب وكالات 15 مادة غذائية رئيسية من سجل الوكالات التجارية واستيراد المواد دون أي شروط، خصوصا إذا عرفنا أنه مضى ما يزيد على العامين ونصف العام على إقرار تلك التعديلات من قبل مجلس الوزراء بموجب قرار رقم (538/1) لسنة ،2005 إلا أن تلك الدعوة تصب ضمن الجهود المكثفة الجارية الآن وعلى عدة مستويات والرامية إلى الحد من ظاهرة التضخم في أسواق الإمارات وذلك من خلال منع المزيد من الارتفاع، بل وحتى، خفض اسعار المواد الغذائية الرئيسية· فغالبا ما تمت الإشارة إلى أن نظام الاستيراد في الإمارات الخاضع إلى أحكام القانون رقم 18 الخاص بالوكالات التجارية قد ساهم بهذه الدرجة أو تلك في الحد من مرونة المعروض من السلع والمنتجات وفي عرقلة الاستجابة إلى زيادة الطلب من خلال سماحه بوجود وكلاء تجاريين مسجلين في وزارة الاقتصاد يتمتعون بميزات احتكارية لاستيراد أنواع محددة من المنتجات والسلع بشكل حصري يحظر على الأوساط التجارية الأخرى استيراد نفس المنتجات· وفي ظل اقتصاد يقوم على استيراد الغالبية من السلع الاستهلاكية، كاقتصاد الإمارات، فإن هذا النظام، وبدلا من أن يكون أكثر انفتاحاً لكي يكون قادراً على الاستجابة بسرعة للتغيرات التي تطرأ على الطلب، قد ترك الساحة للوكالات التجارية التي تستطيع ومن خلال سطوتها على السوق فرض أسعار مرتفعة بشكل اصطناعي مستغلة بذلك موجة صعود الطلب· ومع أن ما تم تحرير استيراده من مواد غذائية لا يشكل حسب بعض التقديرات سوى نسبة محدودة لا تزيد على 44% من إجمالي استهلاك الأغذية والمشروبات في الإمارات، إلا أنه يمكن أن يساهم في دعم مرونة العرض بما يمكن الأخير من مواكبة الزيادة في الطلب والتي تقف وراء الجزء الأكبر من ارتفاع الأسعار· وأشارت تقارير أخيرة إلى أن إقدام عدد من الجمعيات التعاونية على استـــــيراد مادة الأرز خلال الأسابيع الأخـــــيرة قد ساهم في خفض أسعار تلك المادة ومنـــــع الموردين التقلــــيديين لتلك المادة من التحكم في الأسعار· ولكن من أجل زيادة مرونة العرض، عبر التشجيع على الاستيراد وزيادة قاعدة المستوردين، يتعين بالسلطات الحكومية في الإمارات ألا تكتفي فقط بمجرد إصدارة الدعوات المشجعة إلى أوساط التجار والمؤسسات التجارية والجمعيات التعاونية للاستيراد بل أن تتخذ خطوات عملية تساعد تلك الأوساط للقيام بأنشطة الاستيراد عبر خطوات مكملة عديدة بما فيها إشعار المجهزين في الخارج بالتخلي عن نظام الوكالات التجارية وحثهم على بيع الســـــلع وبأسعار مطابقة للأسعار التي كانت تفرضها على الوكلاء إلى أي جـــــهة إماراتية ترغب في الاستيراد· لعل من بين أبرز الجهود الحالية الرامية إلى الحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق الإماراتية، هي تلك المتمثلة بسلسلة الإعلانات الصادرة مؤخرا عن عدد من الجمعيات التعاونية في الإمارات والتي تتعلق باتخاذ مجموعة من الإجراءات الرامية إلى وقف ارتفاع الأسعار بضمنها بيع سلة من المواد الغذائية بسعر التكاليف· وقد تباين عدد مواد تلك السلة من جمعية إلى أخرى بين 16 مادة في إحدى الجمعيات و 256 مادة في جمعية تعاونية أخرى· وبالطبع أن مثل هذه الخطوة التي يمكن أن تعيد للجمعيات التعاونية دورها الإيجابي والمسؤول في الاقتصاد والمجتمع ستساهم في كبح جماح ارتفاع الأسعار ليس فقط من خلال إمكانية الحصول على عدد كبير نسبيا من المواد الغذائية بأسعار أقل من تلك التي كانت سائدة في السوق بل وأيضا من خلال حث منافذ وشركات التوزيع الأخرى على التفكير مليا قبل الإقدام على رفع الأسعار بل وإلى الحذو حذو الجمعيات التعاونية في خفض أسعار بعض المواد من أجل الحفاظ على القدرات التنافسية وتجنب فقدان حصصها في السوق· ومع ذلك فإن توسيع مرونة وقاعدة المعروض من جميع أنواع السلع، غذائية وغير ذلك، عن طريق إصلاح النظام التجاري يبقى الأداة الأكثر فاعلية في إشاعة أكبر قدر من المنافسة في السوق بما يؤدي في نهاية المطاف إلى تجنب المظاهر الاحتكارية المشوهة لعوامل السوق والتي شكلت عاملا مهما في ارتفاع الأسعار·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©