شهدت وتيرة نمو الاقتصاد الروسي خلال الربع الثالث تسارعاً غير مسبوق في العام الحالي مدعومة بالنشاط الاستثماري والإنفاق الاستهلاكي. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 4,8% في الثلاثة أشهر المنتهية في سبتمبر مقارنة بالعام الماضي، مما أعطى جرعة من التفاؤل لمراقبي الاقتصاد الروسي الذين شهدوا تراجع سوق الأسهم الروسية بنحو 13% منذ بداية العام الحالي، وسط توقعات تشير لوقوع أزمة ركود عالمية جديدة ومشاكل مالية في أوروبا.
ومع ذلك، كان معدل نمو الربع الثالث أقل من توقعات المحللين التي كانت عند 5%. ويقول إيفان تيكاكاروف، المدير الاقتصادي في بنك “رينيسانس كابيتال” في موسكو،: “تسارعت وتيرة النشاط الاقتصادي في الوقت الراهن مقارنة بالعام الماضي، الشيء الذي يعتبر إيجابياً لكنه لا يدعو للاستغراب كثيراً خاصة وأن السنة الماضية تميزت بقاعدة ضعيفة عندما خلف الجفاف الذي حدث في فصل الصيف أضراراً لحقت بالاقتصاد ككل”.
وزاد تفاؤل الاقتصاديين في ما يتعلق بمستقبل نمو الاقتصاد الروسي في ظل الاحتمالات التي تشير إلى موجة واسعة من الركود تعم أرجاء أوروبا وإصلاحات محلية تتسم بالبطء. وخفض البنك الدولي بداية العام الحالي توقعاته لنمو الاقتصاد الروسي من 4,4% إلى 4%. كما تراجع إجماع الاقتصاديين لتوقعات 2012 إلى 3,6%.
وأعلن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أنه ينبغي على روسيا العودة إلى معدلات النمو التي كانت عليها عند بداية العقد الحالي بين 6 إلى 7% والتي يمكن بموجبها أن يصبح الاقتصاد واحداً من أكبر خمسة اقتصادات في العالم بحلول العام 2020.
كما زاد احتمال انضمام روسيا إلى منظمة التجارة الدولية في العام المقبل، من درجة هذا التفاؤل. ويُذكر أن روسيا قد فرغت بالفعل من المداولات الخاصة بدخولها للمنظمة حيث من المنتظر أن تُمنح حق العضوية في شهر ديسمبر المقبل. ويرى المسؤولون أن بمقدور روسيا تحقيق معدلات نمو شبيهة بتلك التي أحرزتها في العقد الماضي دون الحاجة إلى إجراء إصلاحات جوهرية كالخصخصة مثلاً. ويعزي الاقتصاديون معدلات النمو العالية هذه إلى الارتفاع السريع في أسعار النفط، بالإضافة إلى السعة الاحتياطية بعد الانهيار الاقتصادي الذي أصاب البلاد في تسعينيات القرن الماضي. وتعود أسباب مستويات النمو الحالي، إلى محفزات النمو ولزيادة الواردات من الصين بمعدلات أكثر مما هو متوقع. كما يعود الفضل في انتعاش الربع الثالث بشكل رئيسي إلى زيادة معدل الاستثمارات والاستهلاك، حيث نمت استثمارات رأس المال الثابت بنحو 8,5% مقارنة بشهر سبتمبر من العام الماضي، في الوقت الذي تراجعت فيه البطالة لمعدلات أقل من تلك التي كانت عليها قبل ثلاث سنوات. وقفزت مبيعات قطاع التجزئة بنسبة قدرها 9,2% لتحقق أعلى نسبة منذ أكتوبر 2008، وذلك بعد الزيادة التي حققتها في أغسطس بنحو 7,8%.
ويركز الاقتصاد الروسي بقوة على الاستهلاك على حساب الاستثمارات، بيد أن صانعي القرار يسعون باستمرار لتغيير هذه السياسة. ويأمل الخبراء في أن تظل الخطط التي أعلنها الرئيس ديمتري ميدفيديف المتعلقة بخصخصة أسهم الأغلبية في بعض الشركات الحكومية الكبيرة بحلول العام 2015، على حالها في عهد الرئيس بوتين الذي أظهر حماساً أقل للإصلاحات الاقتصادية.
نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز»
ترجمة: حسونة الطيب