الشارقة (الاتحاد)
في إطار سهرات المجلس المسرحي الذي يصاحب فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، نظمت ليل أمس محاورة ثقافية تحت عنوان «المسرح الكويتي ودراما التلفزيون: اتصال أم انفصال»، وركزت مداخلاتها على العلاقة بين الخشبة والشاشة: كيف تطورت؟ وما هي ملامح التأثر والتأثير بين ما ينتج في المسرح وما تقدمه دراما التلفزيون؟
أدار السهرة وقدم لها عبد الله العابر الذي توجّه بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على دعم ورعاية المهرجان، وإلى إدارة المسرح على التنظيم.
تحدّث منقذ السريع في البداية قائلاً: «إن المسرح قديم وعريق، لكن التلفزيون أعطى مجالاً للمسرح كي يظهر وينتشر»، وأضاف أن هناك جيلاً من الفنانين والنجوم الكبار -من بينهم سعد الفرج- كان من أعضاء فرقة المسرح العربي في الكويت، قبل الظهور التلفزيوني.
وأوضح أن «العلاقة بين المسرح والتلفزيون هي علاقة اتصال وليست انفصالاً، إلا أننا نذهب إلى المسرح، والتلفزيون، على خلافه، يأتي إلينا في بيوتنا»، مضيفاً: «أعتقد أن شباب وشابات المسرح يستفيدون على وجه الخصوص من التلفزيون، خاصة في شهر رمضان، حيث يحظى بمتابعة أكبر، ويفتح لهم إمكانية أن يسيروا في طريق النجومية»، مؤكداً أن «الممثل من دون جمهور يُحبط».
وأشار إلى أن «النجم التلفزيوني من الممكن ألا يكون نجماً مسرحياً، إلا أن النجم المسرحي يمكن له الحضور في كل المواقع، لكن رغم ذلك هناك اتصال بين المسرح والتلفزيون، ويعتمد المسرح في شهرته على التلفزيون، لتحقيق أكبر مشاهدة ممكنة.«
كما ذكر أن العديد من الفنانين غادروا المسرح، وتوجهوا إلى التلفزيون لتحقيق الشهرة والسرعة في الانتشار بين الجمهور. وتوقف عند مشكلة يجدها لدى الكاتب الدرامي، قائلاً إنه «يعتقد أنه لا يجوز المساس بنصّه، إلا أن المخرج له الحق في التعامل معه وفق ما يراه مناسباً». في نهاية حديثه قال: «التلفزيون والمسرح مكملان لبعضهما ومتواصلان بشدة.«
وفي مداخلته، قال فيصل القحطاني: «إن العلاقة بين المسرح والتلفزيون مربكة. وفي دولة الكويت، هذه الحالة ليست جديدة، وحتى في الوطن العربي»، وذكر أن «الراحل زكي طليمات مع فنانين آخرين كان يشتكي في فترة الستينيات من توجّه بعض الفنانين نحو الفيديو«.
وأوضح القحطاني أن «إغراء التلفزيون كان كبيراً في تلك الفترة، وذلك بسبب الانتشار وتحقيق عائد مادي أكبر للفنان، وبدأت وفق ذلك المادة التلفزيونية بالانتشار»، موضحاً أن «المسرح تسرب إلى التلفزيون، لكن ليس الاستهلاكي أو التجاري منه، بل الحقيقي». وأضاف: «لكن رغم ذلك، حدثت حالة العودة إلى المسرح لدى عدد من الفنانين الذين كانوا يؤمنون بهدف ورسالة المسرح، ومن بين النماذج البارزة على ذلك الفنان فيصل العميري الذي كان متردداً في الدخول إلى التلفزيون، لإيمانه برسالة وهدف المسرح، كما نجد على الطرف الآخر نموذجاً آخر من الفنانين يقوده الطمع، ولا تهمه هذه الرسالة». وأشار إلى أن «التلفزيون قدم للمسرح خدمات جليلة، ولعب دوراً في توثيق مسرحيات منذ الستينيات، وتعامل ذلك الجيل معها على أنها دراما تلفزيونية، وفيما بعد أدخل عليها إخراجاً تلفزيونياً.«
وعلى المستوى الكتابي والأدائي والإخراجي، استشهد بالثنائي الكويتي صقر الرشود وعبد العزيز السريع، حيث عملا في المسرح والتلفزيون، مشيراً إلى تمثيلية نادرة ومتميزة لهما بعنوان «كلمات متقاطعة»، قائلاً: «وتعد هذه التمثيلية نموذجاً درامياً تلفزيونياً، يحمل في طياته مضموناً فكرياً عميقاً، وكانت مهارة الرشود والسريع في التلفزيون، تعود إلى خبرتهما الكبيرة في المسرح«. لترسيخ علاقة الاتصال بين المسرح والتلفزيون، أكد القحطاني ضرورة فهم المجالين، للتمكن من تقديم إبداع حقيقي، وأن عدم المعرفة يخلق حالة من الانفصال، مؤكداً دور الوعي لدى الفنان، الذي يلعب دوراً مهماً لتحقيق حالة الاتصال، قائلاً إن «مسألة الانفصال والاتصال تعود إلى الفنان المبدع البعيد عن الادعاءات والمزاعم».
وقسّم الدكتور فهد المذن، في مداخلته «الاتصال من وجهة نظر سينوغرافية» إلى مصمم الأزياء، ومصمم الديكور في المسرح والتلفزيون، إذ أشار إلى أن الانفصال يحدث بين المسرح الذي يشرف على عناصره مصمم الديكور ومصمم الأزياء، لكن في التلفزيون المخرج يقوم بهذا الدور. وذكر بعض الأسماء في هذا المجال، مثل يوسف قاسم في 1955، حيث كان يتعامل كمصمم أزياء وديكور، وعبد الله العيوطي في السبعينيات إلى الثمانينيات، وكذلك وهيب الحسيني.
وأكد المذن، أن الاختلاف يحدث في اللون، فهناك جزئيات على خشبة المسرح لا تظهر، لكن في التلفزيون تظهر بقوة، كما توقف عند التصاميم الثابتة والتصاميم المتحركة في المسرح والتلفزيون. وفي النهاية، أفسح مدير الجلسة المجال لبعض المداخلات أغنت السهرة، وختاماً كرّم أحمد بورحيمة مدير المهرجان، المتحدثين، وشكرهم على مشاركتهم.