أشرف العسال 18 مارس 2012
" الطلاق" أبغض الحلال.و الجهل به و بأحكامه أشد من وقوعه، فقد تجد زوجا طلق زوجته و انتهت العدة من دون مراجعة و مع ذلك عاشت معه حياة طبيعية رغم أنها صارت بائن من زوجها أي محرمة عليه. وقد تسمع بالمحاكم بزوج طلق زوجته المعقود عليها قبل الدخول و رغم ذلك راجعها واستمر الزواج بجهل منه بأنها صارت بائن منه –أي لا تحل له- والمصيبة الأكبر أن يقع إنجاب لأولاد لا يعرف مصيرهم ...حالات كثرت و طلاقات وقعت تدمع العين وتبكي القلب والسبب فيها هو الجهل بأحكام وآثار الطلاق ...و الذي هو جده جد وهزله جد وليس كلمة فارغة عن مضمونها ومعناها. تعالوا لنسلط الضوء من خلال قصتين واقعيتين لنعرف آثار الجهل بأحكام الزواج والطلاق...
1. تقدم أحد الأزواج ويدعى راشد بطلب طلاق زوجته، وبعد المناقشة والبحث حول أسباب الطلاق من الغيرة التي أشعلت الخلافات وفقد الاحترام المتبادل بينهما، وغيره من الخلافات على المصروف وعدم عناية الأب بالبيت والزوجة و رغم تقديم النصح اللازم له، إلا أنه أصر على موقفه طالباً إيقاع الطلاق ، نظرا لاتساع شقة الخلاف بينهما.
وكعادتنا في البحث والاستقصاء ، تبين أن الزوج قد طلق زوجته قبل الدخول، وذهب إلى أحد المشايخ طالباً منه الفُتيا ، فأفتاه بأن له على زوجته ثلاث طلقات وله الحق بمراجعتها. وقال الزوج : قال لي : قل أرجعت زوجتي على سنة الله ورسوله ، وقلت هذه العبارة وحصل بيننا الدخول بعد هذا الطلاق بالزفاف المعروف .
وكما هو مقرر في الفقه الإسلامي أن الطلاق قبل الدخول يقع بائناً ولا يحق للزوج الرجوع إلى زوجته إلا بعقد ومهر جديدين بشروطهما الشرعيـــة ،وذلك استمدادا من قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا )) الأحزاب:49 .
وبناءً على ذلك فزواجهما باطل ، ويلزمهما تصحيح العقد الشرعي . فضلا عمّا يترتب على هذا الخطأ من أثار سلبية لا حصر لها . الأمر الذي يستدعي في مثل هذه الحالة إلى حكم قضائي للبت بأمرهما ، سواء كان الحكم بتصحيح العقد أو التفريق بينهما بموجب الطلاق المشار إليه . وعلى الفور تم إحالتهما إلى المحكمة ليرى القاضي رأيه في الموضوع .
وإن دل هذا الأمر على شيء إنما يدل على الجهل بفقه الزواج عند الكثيرين، وخاصة فيما يتعلق بالطلاق . الأمر الذي يستدعي توجيهاً وتبني حملات توعية إلى كل الراغبين في الزواج والمقبلين عليه حتى يكون لديهم الحد الأدنى من فقه الحياة الزوجية مما لا يعذر المسلم بجهله .
2. وفي ذات السياق تقدمت إحداهن وتدعى ميسون بطلب الطلاق من زوجها ؛ نظراً لظلمه وعدم إنفاقه عليها وعلى أولادها ، وبعد التداول والبحث في موضوعهما أخرج الزوج من جيبه حكماً صادراً من محكمة أبوظبي الابتدائية يقضي بالطلاق بينهما طلاقاً مكملاً للثلاث . بموجبه لا يحل له الرجوع إلى زوجته إلا من بعد حتى تنكح زوجاً غيره . وقد استمرا على علاقتهما الزوجية من تاريخ صدور الحكم قبل حوالي ثلاثة عشر عاماً تقريبا ، أنجبا خلال هذه المدة ثلاثة أولاد .
الأمر الذي يستدعي في مثل هذه الحالة إلى حكم قضائي لتعديل وصف الطلاق الصادر بحقهما .. وهذا أيضاً من الجهل بفقه الحياة الزوجية .
هل رأيت عزيزي القارئ عزيزتي القارئة مدى خطورة جهل أبنائنا وبناتنا بأبسط قواعد الشرع والقانون في الزواج والطلاق ، مما يستدعي منا الاطلاع والتقافة عبر الكتب والمواقع المفيدة التي تعرفنا مشاكلنا وتأخذ بأيدينا للحل الأمثل حتى لا نقع في كوارث اجتماعية وشرعية وقانونية بسبب آفة الجهل ، قال الشاعر الحكيم: العلم يرفع بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والشرف